الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعٌ عن الطغيان بالنعمة، وإن لم يُذكر؛ لدلالة الكلام عليه.

وعامة المفسرين يقولون: المعنى: حقاً.

{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ } يعني: أبا جهل { لَيَطْغَىٰ }.

قال الكلبي: كان إذا أصاب مالاً زاد في ثيابه ومركبه وطعامه وشرابه، فذلك طغيانه.

{ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } قال ابن قتيبة: المعنى: أن رأى نفسه استغنى.

وقال غيره: يقال في أفعال القلوب: رأيتني وعلمتني، ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين. و " استغنى " هو المفعول الثاني.

قال عبدالله بن مسعود: منهومان لا يشبعان: طالب علم، وصاحب الدنيا. أما طالب العلم فيزداد رضى الرحمن، وأما طالب الدنيا فيزداد في الطغيان، ثم قرأ: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ }.

قال مقاتل: ثم خوّفه الله تعالى بالرجعة فقال: { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ }.

والرُّجْعَى: مصدر؛ كالبُشْرَى، بمعنى: الرجوع.

{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } استفهام في معنى الإنكار، وتعجيب للمخاطب.

أخرج الترمذي من حديث ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء أبو جهل فقال: ألم أنْهَكَ عن هذا؟ فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فَزَبَرَهُ، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر مني، فأنزل الله تبارك وتعالى: { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ }. قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله ".

وقال أبو هريرة: قال أبو جهل: هل يُعَفِّرُ محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم. قال: فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنَّ على رقبته، فقيل له: ها هو ذاك يصلي، فانطلق ليطأ على رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتّقي بيديه، فأتوه فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة، فقال نبي الله: والذي نفسي بيده، لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً، فأنزل الله عز وجل: { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } إلى آخر السورة.

فتبين بهذا أن الناهي: أبو جهل.

والمعنى: أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته.

{ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } قال عامة المفسرين: المعنى: أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى.

{ أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } يعني: الإخلاص والتوحيد.

{ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ } الناهي أبو جهل { وَتَوَلَّىٰ } عن الإيمان.

قال الفراء: المعنى: أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى وهو كاذبٌ مُتَوَلٍّ عن الذِّكْر؟ فأيُّ شيء أعجب من هذا.

وقال ابن الأنباري: [التقدير: أرأيته مصيباً].

وقال صاحب الكشاف: المعنى: أرأيت إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما يَنْهَى عنه من عبادة الله، أو كان آمراً بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد، وكذلك إن كان على التكذيب والتَّوَلِّي عن الدين الصحيح، كما [نقول] نحن.

السابقالتالي
2