الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } * { وَطُورِ سِينِينَ } * { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } * { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ }

قال الله تعالى: { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } قال ابن عباس: هو تينكم هذا وزيتونكم.

قال أهل التفسير: أقسم الله بهما؛ لامتيازهما بالفضل على سائر الثمار. فالتين فاكهة مستلذّة، خالصة من شوائب النُّغَص، [خالية] من العَجَم، الواحدة منه على مقدار اللقمة، إلى غير ذلك من منافعه الطيبة.

وأما الزيتون فإنه يعتصر منه الزيت، ومنافعه كثيرة جداً.

وقال كعب الأحبار: التين: دمشق، والزيتون: بيت المقدس.

قال قتادة: التين: الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس.

وقال ابن زيد: التين: مسجد دمشق، والزيتون: مسجد بيت المقدس.

وقيل: التين: جبال ما بين حُلْوَان وهمذان، والزيتون: جبال الشام.

قال بعض العلماء: سُمّيا بذلك؛ لأنهما منبتا التين والزيتون.

قوله تعالى: { وَطُورِ سِينِينَ } قال كعب وجمهور المفسرين: هو الجبل الذي كَلَّمَ الله تعالى عليه موسى.

و " سينين " لغة في سيناء، وكذلك هو في قراءة علي عليه السلام، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، [وأبي الدرداء]، إلا أن الأوَّلَين فتحا السين.

وقرأ الجحدري وأبو رجاء مثلَ قراءة العامة، إلا أنهما فتحا السين. وقد ذكرنا معناه في { قَدْ أَفْلَحَ }.

قال مقاتل: كُلُّ جبلٍ فيه شجرٌ مُثمر [فهو] سينين، وسيناء بلغة [النَّبط].

قوله تعالى: { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } يعني: مكة، يأمن فيه الخائف، وهو مِنْ أمِنَ الرجلُ يأمَنُ أمانةً فهو آمِن.

وجواب القسم قوله: { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ }.

والصحيح: أنه اسم جنس.

{ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } أي: في أحسن صورة وأعدل هيئة.

قال ابن عباس: [منتصبُ] القامة.

قال المفسرون: خلق اللهُ كُلَّ ذي روح مكباً على وجهه، إلا الإنسان خلقه مديد القامة، يتناول مأكوله بيده.

{ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ } بعد امتداد قامته واشتداد قوته { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } فصار عند الكبر [محدودب] الظهر بعد الاعتدال، مُبْيَضَّ الشعر بعد الاسوداد، متقبّضَ الجلد بعد الانبساط، هَرِماً بعد شبابه، ضعيفاً بعد قوته، خَرِفاً بعد رصانة عقله ورزانة حلمه. والسافلون: هم الضعفاء من الزمنى والأطفال والهرمى، واحدهم: سَفِيل، وسِفل، وسَافِل. قال المخبَّل:
لئن رُدِدتُ إلى النَّعْمَانِ ثانيةً إني إذاً لسفيلُ الجدِّ محرُوم   
وقوله تعالى: { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } نكرة تعمّ الجنس، كما تقول: فلان أكرم قائل، ولا تقول: أكرم القائل، إلا أن تجمع، فإذا جمعت وأردت [به] المعرفة قلت: أكرم القائلين، وإن أردت النكرة قلت: أكرم قائلين. وهذا قول ابن عباس وعامة المفسرين.

وقال الحسن ومجاهد: ثم رددناه إلى النار.

قال أبو العالية: إلى النار في [شر] صورة، في صورة خنزير.

قال الواحدي: والنار أسفل سافلين؛ لأن جهنم بعضها أسفل من بعض. والمعنى: ثم رددناه إلى أسفل سافلين.

ثم استثنى المؤمنين فقال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } وهو استثناء متصل، على قول الحسن ومجاهد، ومنقطع على قول غيرهما.

السابقالتالي
2