الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } * { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } * { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } * { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } * { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }

قال الله تعالى: { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } أقسم الله تعالى بجرم الشمس، وبضوئها إذا [أفرط] في الاستنارة، وذلك عند ارتفاع الشمس.

وقيل: الضَّحْوُ: ارتفاع النهار، والضُّحى فوق ذلك.

والضَّحاء -بالفتح والمد-: إذا امتد النهار وَكَرَبَ أن [ينتصف].

قوله تعالى: { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } قال مجاهد: ساواها.

قال الزجاج: إذا استدار، فكان يتلو الشمس في الضياء والنور.

قال غيره: وذلك في الليالي البيض.

وقال ابن عباس وجمهور المفسرين: تلاها بمعنى: تبعها.

ثم في ذلك ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه في النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس، تلاها القمر في الإضاءة. قاله ابن زيد.

الثاني: أنه أول ليلة من الشهر إذا سقطت الشمس يُرى القمر عند سقوطها. قاله قتادة.

الثالث: أنه في الخامس عشر [من] الشهر يطلع القمر مع غروب الشمس. قاله الطبري.

قوله تعالى: { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } الكناية للشمس، والنهار يُجَلِّيها غاية التَّجَلِّي عند انبساطه وارتفاعه. وهذا قول مجاهد.

وقال جمهور المفسرين: الكناية للظلمة.

قال الزجاج: المعنى يدل على الظلمة وإن لم يَجْرِ لها ذكْر، كما تقول: أصبحتْ باردةً، تريد: أصحبتْ غَداتُنا باردة.

قوله تعالى: { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي: إذا يغشى الشمس فتغيب وتُظلم الآفاق.

قوله تعالى: { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } و " ما " هاهنا موصولة، وكذلك: " وما طحاها، وما سواها ".

قال عطاء: يريد: الذي بناها.

وقال ابن السائب: ومن بناها. وهو مذهب عامة المفسرين واللغويين.

ويؤيده قراءة أبي عمران: " ومن بناها، ومن طحاها، ومن سواها ". وقد قررنا هذا في غير موضع.

وقال الفراء والزجاج: " ما " مصدرية، تقديره: والسماء وبنائها، والأرض وطحوها.

قال صاحب الكشاف: وليس بالوجه؛ لقوله: { فَأَلْهَمَهَا } ، وما يؤدي إليه من فساد النظم.

قوله تعالى: { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } قال أبو عبيدة: طحاها: بسطها من كل جانب.

قال ابن قتيبة: يقال: [خيرٌ] طاحٍ، أي: كثيرٌ متّسع.

قوله تعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } قال الحسن: يريد: نفس آدم.

وقال عطاء: يريد: جميع ما خلق من الجن والإنس. وهو الصحيح؛ لدلالة ما بعده من التفصيل بقوله: " قد أفلح " ، " وقد خاب " عليه.

قال صاحب الكشاف: إن قلت: لم نكّرت النفس؟

قلتُ: فيه وجهان:

أحدهما: أن يريد نفساً خاصة من بين النفوس، وهي نفس آدم، كأنه قال: وواحدة من النفوس.

والثاني: أن يريد كل نفس، ويُنَكَّرُ للتكثير، على الطريقة المذكورة في قوله:عَلِمَتْ نَفْسٌ } [التكوير: 14].

وقد حُكيت في قوله:عَلِمَتْ نَفْسٌ } [التكوير: 14] فاطلبه هناك.

وقد سبق معنى التسوية في قوله:فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } [الانفطار: 7].

قوله تعالى: { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } الإلهام في اللغة: إيقاع الشيء في النفس.

قال ابن زيد: جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى وخذلانه إياها للفجور.

السابقالتالي
2