الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

قوله تعالى: { لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } أي: لن نصدقكم في اعتذاركم، { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } فأطلعنا على نيط ما انطوت عليه ضمائركم من النفاق والفساد، { وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ } فيما تستأنفون، هل تتوبون إليه أو تقيمون على النفاق وتثبتون عليه، { وَرَسُولُهُ } يرى عملكم أيضاً فيشهد عليكم يوم القيامة، { ثُمَّ تُرَدُّونَ } بعد الموت { إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } يعني: السر والعلانية، { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } المعنى: يجازيكم عليه.

قوله تعالى: { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ } أي: إذا رجعتم إليهم من تبوك.

قال ابن عباس: نزلت في جد بن قيس ومعتب [بن] قشير وأصحابهما، وكانوا ثمانين رجلاً من المنافقين.

{ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ } أي: لتعرضوا عن توبيخهم وتعنيفهم وتصفحوا عنهم، { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ } أي: دعوهم وما اختاروا لأنفسهم من النفاق، وهو كلام يلوح منه الوعيد والتهديد.

{ إِنَّهُمْ رِجْسٌ } قال عطاء: إن عملهم رجس.

وهذا تعليل للأمر بالإعراض عنهم؛ لأن من كان عمله رجساً لا ينفع تلافيه، ولا ينجع الوعظ فيه.

قوله تعالى: { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } وذلك أن عبدالله بن أبيّ حلف للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يتخلف عنه، وليكونن معه على عدوه، وسأله الرضى عنه طلباً لنفع العاجلة، فأخبر الله أن ذلك غير مغن عنه شيئاً مع سخطه عليه، وكونه عرّض نفسه للعقوبة في الآجلة فقال: { فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }.