الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } قال أبو عبيدة: المعذرون من تعذر وليس بجاد، إنما يُعَرِّضُ بما لا يفعله ويُظهر غير ما في نفسه.

وقال [ابن] قتيبة: يقال: عَذَّرت في الأمر؛ إذا قصّرت.

وقال الفراء والزجاج وابن الأنباري: المُعَذِّرون هم المعتذرون، فأدغمت التاء في الذال ونقلت حركتها إلى العين، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود.

قال مجاهد: هم نفر من غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله.

وقيل: هم أسد وغطفان، قالوا: إن لنا عيالاً وإن بنا جَهْداً فأْذن لنا في التخلف.

وقيل: هم رهط عامر بن الطفيل قالوا: إن غزونا معك أغارت أعراب طيء على أهالينا ومواشينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيغنيني الله عنكم.

قال قتادة: اعتذروا بالكذب.

وقال الزجاج: المتعذرون هم الذين يعتذرون، كان لهم عذر أو لم يكن، وهم هاهنا أشبه بأن يكون لهم عذر، وأنشدوا:
إلى الحولِ ثم اسمُ السلامِ عليكما    وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كَامِلاً فَقَد اعْتَذَرْ
المعنى: فقد جاء بعذر.

قال الزجاج وغيره: ويجوز الْمُعِذّرون - بكسر العين - لالتقاء الساكنين، ويجوز الْمُعُذَّرون -بضم العين- لاتباع ضمة الميم، ولم يُقرأ بهذين الوجهين.

وقرأ ابن عباس بسكون العين وتخفيف الذال، وهم الذين يأتوا بالعذر الصحيح، وكان يقول: هم الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذنه، وهذا يؤيد قول الزجاج.

{ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وهم المنافقون المخلفون بغير عذر، ومعنى: " كذبوا الله ": لم يَصْدُقُوا في إيمانهم.

وقرأ أُبيّ بن كعب: " كَذَّبُوا " بالتشديد.

{ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } أي: داموا على كفرهم { عَذَابٌ أَلِيمٌ }.

قوله تعالى: { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ } قال الضحاك: نزلت في ابن أم مكتوم -وكان ضرير البصر-، قال: يا نبي الله، إني شيخ ضرير البصر، خفيف الحال، نحيف الجسم، وليس لي قائد، فهل لي رخصة في التخلف عن الجهاد، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال ابن عباس: " الضعفاء ": الزَّمْنَى والمشايخ والعَجَزَة.

والمرضى: جمع مريض.

{ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ } وهم الفقراء { حَرَجٌ } أي: ضيق بسبب الإثم، { إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } بالإخلاص في إيمانهم وطاعتهم، وحفظ ذراري المجاهدين، وحسن الخلافة عليهم في أموالهم ونسائهم.

وفي قوله: { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ } نفي لما عساه يتوهم من عتاب أو عقاب يلحقهم بسبب تخلفهم مع عذرهم ونصحهم، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } للمحسنين.

قوله تعالى: { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ } قال الحسن البصري: هم أبو موسى وأصحابه.

وقال مجاهد: هم بنو مُقَرِّن، وكانوا سبعة.

وقال ابن إسحاق: كانوا سبعة من الأنصار.

السابقالتالي
2