الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } * { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ }

قوله تعالى: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } ، أخبرنا الشيخان أبو القاسم أحمد بن عبدالله بن عبد الصمد العطاري قراءة عليه وأنا أسمع، والشيخ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة بقراءتي عليه قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي، أخبرنا أبو الحسن عبدالرحمن بن محمد الداودي، أخبرنا عبدالله بن أحمد بن حمويه السرخسي، أخبرنا محمد بن يوسف الفربري، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثني إبراهيم بن المنذر، حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله -يعني: ابن عمر-، عن نافع، عن ابن عمر قال: " لما توفي عبد الله بن أبيّ جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه قميصه، وأمره أن يكفنه فيه، ثم قام يصلي عليه فأخذ عمر بن الخطاب بثوبه فقال: تصلي عليه وهو منافق، وقد نهاك الله أن تستغفر لهم؟! فقال: إنما خيرني الله أو أخبرني الله فقال: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ } [التوبة: 80] فقال: سأزيده على سبعين. قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا معه، فأنزل الله: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } ".

وفي الصحيح من رواية ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما قال: " فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتُ إليه فقلت: يا رسول لله، أتصلي على ابن أبيّ وقد قال يوم كذا كذا وكذا، قال: أَعُدُّ عليه. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أخر عني يا عمر، فلما أكثرتُ عليه قال: إني خيرت فاخترت، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم ".

وفي هذا الحديث الصحيح إبطال لقول من زعم أنه لم يصل عليه، فإن الزمخشري حكى: أن جبريل جذبه حين أراد أن يصلي عليه.

فإن قيل: كيف أكرمه النبي صلى الله عليه وسلم بقميصه؟

قلت: عنه أجوبة:

أحدها: أنه رامَ مكافأته على يد كانت له على عمه العباس عليه السلام، فإنه كان رجلاً جسيماً طويلاً، ولم يجدوا يوم بدر له قميصاً، فكساه عبدالله بن أبيّ قميصه. وهذا الجواب ذكره جماعة من العلماء، ويَرِدُ عليه إشكال وهو: أن عبدالله بن أبيّ لم يحضر بدراً، ولم يكن أسلم يومئذ؟

ويجاب عنه بأن يقال: المراد بيوم بدر الذي كسى فيه ابن أبيّ العباس قميصه، الزمان المقارب للوقعة، كما تقول: يوم صفين ويوم بُعاث، كأنهم -والله أعلم- التمسوا له قميصاً يوم ورودهم المدينة، فتعذر في ذلك الوقت، فأعطاه ابن أبيّ قميصه؛ لأنه كان نظيره في الجسامة وامتداد القامة.

السابقالتالي
2