الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

قوله تعالى: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } قال ابن عباس: " لما نزل وعيد اللامزين قالوا: يا رسول الله، استغفر لنا، فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سوف أزيد على السبعين لعل الله يغفر لهم، فنزلت: " سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ " [المنافقون: 6] ".

فإن قيل: النبي صلوات الله عليه وسلامه أفصح العرب لساناً، وأعلمهم بمواقع البيان ومقاصد الخطاب، فكيف قال: سوف أزيد على السبعين، مع وضوح المعنى وظهوره بنفي المغفرة، لا سيما وقد ختم الآية بقوله: { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }؟

قلت: لما احتمل الكلام ذلك -وإن كان في غاية البعد- صار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، جرياً مع طباعه الكريمة، وأعرافه المستقيمة، وانقياداً مع دواعي شفقته ورحمته لأمته.

فإن قيل: ما معنى حصر العدد في سبعين؟

قلت: لظهوره في كلام العرب وجريانها مجرى المثل للتكثير.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
لأُصَبِّحَنَّ العَاصَ وابْنَ العَاصِ   سَبْعِينَ أَلْفاً عَاقِدِي النَّواصِي