الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

قوله تعالى: { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } قال الزجاج: الكاف في موضع نصب، أي: وعدكم الله على الكفر به كما وعد الذين من قبلكم.

وقال غيره: في موضع رفع، على معنى: اسم مثل الذين من قبلكم.

{ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً } فلم تدفع عنهم قوتهم أمر الله لما نزل بهم، { وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ } قال ابن عباس: استمتعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا.

وقال الزجاج: استمتعوا بنصيبهم وحظهم من الدنيا.

{ وَخُضْتُمْ } يعني: في اللهو واللعب والباطل وتكذيب الرسل، { كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } ، فاحذروا أنتم أيها المشابهون لهم أن يَحِلَّ بكم من غضب الله وعقابه مثلَ ما حَلَّ بهم.

فإن قيل: لم خَصَّ المشيئة بهم بما ذكر من حبط الأعمال والخسران مع اشتراك الجميع في الموجب لذلك؟

قلت: أولئك استقر حكمهم وتبين حالهم بالموت على كفرهم، وهؤلاء بعرضية التوبة والإنابة، وقد وجد ذلك من بعضهم. ألا تراه يقول في معرض التخويف لهم مما نزل بأمثالهم من أهل الكفر والتكذيب والنفاق: { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني: خبر هلاكهم.

ثم بيّنهم فقال: { قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ } قال ابن عباس: يعني: [نمرود] بن كنعان، وما نزل به من انتقام الله منه، وسلب النعمة عنه.

{ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ } قوم شعيب، { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } جمع مُؤْتَفِكَة، وهي المُنْقَلِبَة، يريد: مدائن قوم لوط، أو جميع من أهلك، فانقلبت حاله من الخير إلى الشر، { أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } التقدير: فكذبوهم.

{ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } قال ابن عباس: ما كان الله ليهلكهم حتى يبعث إليهم نبياً ينذرهم.

{ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } قال الزجاج: أخبر سبحانه وتعالى أن تعذيبهم كان باستحقاقهم.