قوله تعالى: { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ } قال ابن السائب: نزلت في جماعة من المنافقين تخلفوا عن غزاة تبوك، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم أتوا المؤمنين يعتذرون إليهم ويحلفون، فنزلت هذه الآية. قال مقاتل: منهم عبدالله بن أبيّ، حلف [ألاّ] يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليكونن معه على عدوه. وقيل: حلفوا أنهم ما قالوا ما حكي عنهم من قولهم: " هو أذن " وغير ذلك مما يبلغ الرسول والمؤمنين عنهم من الطعن والأذى. { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } قال الزمخشري: وَحَّد الضمير لاتحاد رضى الله ورضى رسوله، فكانا في حكم مرضي واحد. وقال الزجاج: لم يقل: يُرْضوهما؛ لأن المعنى يدل عليه، فحذف استخفافاً. والمعنى: والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه. كما قال الشاعر:
نَحْنُ بمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بمَا
عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
والمعنى: نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض. { إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } إيماناً حقيقياً. قوله تعالى: { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } وقرأتُ لعاصم من رواية أبي زيد عن المُفَضَّل عنه: " تعلموا " بالتاء، على الخطاب للمنافقين { أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } بالمخالفة والمعاداة، { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } قرأ الأكثرون: " فأن له " بفتح الهمزة. وقرأ أبو رزين وأبو عمران وابن أبي عبلة: " فإن له " بالكسر. قال الزجاج: من كسر فعلى الاستئناف بعد الفاء، كما تقول: فله نار جهنم، ودخلت " إن " مؤكدة. ومن قال: " فأن له " فإنما أعاد " أن " الأولى توكيداً؛ لأنه لما أطال الكلام كانت إعادتها أوكد. وقال غيره: التقدير: فحق أن له نار جهنم. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون " فأن له " معطوفاً على " أنه " ، على أن جواب " مَنْ " تقديره: ألم تعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك، فأن له نار جهنم.