الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } * { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ }

{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ } أي: تنتظرون { بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } النصر أو الشهادة، { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ } قال ابن عباس: الصواعق.

وقيل: الموت.

وقيل: ما أصاب الأمم الخالية.

{ أَوْ بِأَيْدِينَا } يعني: القتل، { فَتَرَبَّصُوۤاْ } إحدى الحسنيين لنا { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } إحدى السوأيين لكم.

{ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } نزلت في الجد بن قيس، فإنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما عرض عليه الغزو: هذا مالي أعينك به.

قال الزجاج: وهذا لفظ أمر، ومعناه: الشرط والجزاء، تقديره: إن أنفقتم طائعين أو كارهين لن يتقبل منكم. ومثله في الشعر قول كثيّر:
أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لاَ مَلُومَةٌ    لَدَيْنَا وَلاَ مَقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ
وقال الزمخشري: هو أمر في معنى الخبر، كقوله:فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } [مريم: 75]، وهذا إنما يجوز إذا دل الكلام عليه، كما جاز عكسه في قولك: رحم الله زيداً وغفر له.

ومعنى قوله: { طَوْعاً }: تبرعاً ونفلاً، { أَوْ كَرْهاً }: إلزاماً من الله، { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } لتوقف القبول على الإيمان والإخلاص.

{ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } مارقين من الدين، فلا يُتقبل منكم الإنفاق ما دمتم على النفاق.

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ } قرأ حمزة والكسائي: " يُقْبَلَ " بالياء الواقعة آخر حروف التهجي؛ لأن النفقة في معنى الإنفاق. وقد أشرنا إلى تعليل مثل ذلك فيما سبق.

و " أَنْ " في قوله: " [أَنْ] تقبل منهم نفقاتهم " في موضع نصب، وفي " أنهم كفروا " في موضع رفع بـ " مَنَعَهُمْ " ، وتقديره: وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله وبرسوله.

{ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلٰوةَ } التي هي عماد الإسلام { إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } لأنهم لا يرجون ثواب فعلها، ولا يخافون عقاب تركها، { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } لأنهم يَعُدُّون الإنفاق مَغْرماً.