الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً } قال أكثر المفسرين: شباباً وكهولاً.

وروى عطاء عن ابن عباس: رجالة وركباناً.

وروي عنه أيضاً: " خفافاً ": أهل اليسرة من المال، " وثقالاً ": أهل العسرة. وهو اختيار الزجاج، قال: مُوسرين ومُعْسرين.

وبعكس هذا القول قال أبو صالح والفراء، قال الفراء: " الخفاف ": ذوو العسرة وقلّة العيال، و " الثقال ": ذوو العيال والميسرة.

وقال جويبر: أصحّاء ومرضى.

قال الزهري: خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو قد ذهبت إحدى عينيه، فقيل: إنك عليل صاحب ضرر. فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع.

وقال صفوان بن عمرو: كنت والياً على حمص، فلقيت شيخاً كبيراً من أهل دمشق، قد سقط حاجباه على عينيه وهو على راحلته يريد الغزو، فقلت: يا عم، لقد أعذر الله إليك، فرفع حاجبيه وقال: يا ابن أخي استنفرنا الله خفافاً وثقالاً.

وقال أهل المعاني: هذا عامٌّ في كل أحد؛ لأنه ما من أحد إلا وتخف عليه الحركة أو تثقل، فهو ممن أمر الله في هذه الآية بالنفير.

ويؤيد ذلك قول ابن عباس: نسخت بقوله:وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } [التوبة: 122].

وقول السدي: هي منسوخة بقوله:لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ } [التوبة: 91].

وعند الفقهاء: أن هذا تخصيص لا نسخ.

{ وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال القاضي أبو يعلى: أوجب الله الجهاد بالمال والنفس جميعاً، فمن كان له مالٌ وهو مريض أو مقعد أو ضعيف [لا يصلح للقتال] فعليه الجهاد بماله بأن يعطيه غيره فيغزو به، [كما يلزمه الجهاد بنفسه إذا كان قوياً]. وإن كان له مال وقوة فعليه الجهاد بهما، ومن كان معدماً عاجزاً فعليه الجهاد بالنصح لله ولرسوله؛ لقوله تعالى:وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } [التوبة: 91].

{ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } من التثاقل إلى الأرض { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ما في ذلك من الثواب يوم المآب.