الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ } قال المفسرون: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزوة تبوك -وكان زمن عسرة وجدب وحَرّ شديد- كرهوا ذلك إيثاراً للثمر والظلال، وفراراً من السفر والقتال، وكان زمنَ طيب الثمار واستوائها، فنزلت هذه الآية.

والاستفهام في معنى التوبيخ. وأصل النَّفْر: مفارقة مكان إلى مكان لا هاج على ذلك، يقال: نفَرَ فلان إلى ثغر كذا يَنْفِرُ نفْراً ونفِيراً، ومنه: نُفُور الدابّة ونِفَارها.

[والأصل] في " اثَّاقَلْتُم ": تثاقلتم، ومنه على الأصل قرأ ابن مسعود والأعمش، فأدغمت التاء في الثاء؛ لاشتراكهما في الهمس، وتقاربهما في المخرج، ثم اجتلبت الهمزة توصلاً إلى النطق بالساكن. والمعنى: تثاقلتم وتقاعستم ذهاباً مع طلب الراحة والدَّعَة.

{ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } المُنَغَّصَةُ بالفناء { مِنَ ٱلآخِرَةِ } المُخَصَّصَةُ بالبقاء، { فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } وهو نعيمها الذي مِلْتُمْ إليه بالنسبة إلى نعيم الآخرة { إِلاَّ قَلِيلٌ }.

أخبرنا الشيخ أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد القزويني بقراءتي عليه في رأس عين بالجامع، أخبرنا أبو منصور محمد بن أسعد الطوسي، حدثنا أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبدالله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبدالله الخلال، حدثنا عبدالله بن المبارك.

وأخبرنا عالياً أبو حفص عمر بن طبرزد إذناً، أخبرنا الشيخ أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، أخبرنا عبدالله بن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن المستورد بن شداد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع " هذا حديث صحيح، انفرد مسلم بإخراجه في صحيحه، فرواه عن محمد بن حاتم، عن يحيى بن سعيد، عن إسماعيل.

قوله تعالى: { إِلاَّ تَنفِرُواْ } أي: تخرجوا من بيوتكم مع نبيكم لجهاد أعداء الله وإعلاء كلمة الإسلام { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } قال ابن عباس: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً من أحياء العرب فتثاقلوا عنه، فأمسك الله المطر عنهم فكان عذابهم.

{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } خيراً منكم وأطوع.

ثم أخبر سبحانه وتعالى أنه غني عنهم، وأن تثاقلهم غير قادح في إظهار دينه فقال: { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً } والضمير في " تضرّوه " يرجع إلى الله تعالى، في قول الحسن.

السابقالتالي
2 3 4