الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }

قوله تعالى: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ... } الآية. اختلفوا في سبب نزولها على أقوال؛ أثبتُها: ما أخبرنا به الشيخان أبو القاسم السلمي، وأبو الحسن علي بن أبي بكر البغداديان قالا: أخبرنا أبو الوقت عبدالأول، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا عبدالله بن حمويه، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: " لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي عم قل: لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك، فنزلت: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } " هذا حديث متفق على صحته.

وأخرجه مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري.

وفي بعض طرق الصحيح: " فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان لتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: أنا على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ… } الآية، وأنزل في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } [القصص: 56] ".

وقال محمد بن كعب: دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت فوجده مملوءاً، فقال: خلّوا بيني وبين عمّي، فجلس إليه فقال: يا عم، جزيت عني خيراً، كفلتني صغيراً، وحفظتني كبيراً، فجزيت عني خيراً، يا عماه! أعنّي على نفسك بكلمة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة. قال: ما هي يا ابن أخي؟ قال: قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. قال: إنك لي لناصح، والله لولا أن تُعيّر بها بعدي يقال: جَزَعَ عمّك عند الموت، لأقررت بها عينك. قال: فصاح القوم: يا أبا طالب أنت رأس الحنيفية ملة الأشياخ، فقال: على ملة الأشياخ، لا تحدّث نساء قريش أني جزعت عند الموت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أزال أستغفر لك ربي حتى ينهاني، فاستغفر له بعد [ما] مات.

السابقالتالي
2 3