الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قال أهل التفسير: " لما تاب الله على أبي لبابة وأصحابه، قالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا التي خَلَّفَتْنا عنك فتصدق بها عنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أُمِرْتُ أن آخذ من أموالكم شيئاً، فأنزل الله عز وجل: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث أموالهم ".

قال الحسن البصري رحمه الله: هذه الصدقة كفارة الذنوب التي أصابوها، وليست الزكاة المفروضة.

وقال عكرمة: هي الزكاة.

قوله تعالى: { تُطَهِّرُهُمْ } في موضع نصب صفة لـ " صَدَقَةً ".

وقرأ الحسن: " تُطْهِرْهُمْ " بالجزم جواباً للأمر. والمعنى: تطهرهم بها من دنس الذنوب.

{ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } تصلحهم وترفع منازلهم.

وقيل: تزكي أموالهم وتُنَمِّيها.

{ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } ادع لهم واستغفر لذنوبهم.

{ إِنَّ صَلَٰوتَك } وقرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر: " صَلاَتَكَ " بالتوحيد.

{ سَكَنٌ لَّهُمْ } تثبيت وطمأنينة لهم أن الله قبلها منهم، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لاعترافهم { عَلِيمٌ } بندمهم على اقترافهم.

قوله تعالى: { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } وروى عبد الوارث عن أبي عمرو: " ألم تعلموا " بالتاء على المخاطبة لهم.

المعنى: ألم يعلم المتوب عليهم قبل أن يُتاب عليهم { أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } إذا صَحَّتْ عن عقيدة صالحة، { وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } إذا صدرت عن نية خالصة.

وقال المفسرون: لما نزلت توبة هؤلاء، قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين: هؤلاء بالأمس كانوا معنا لا يكلمون ولا يجالسون، فما لهم؟ فأنزل الله هذه الآية.

ومعنى التخصيص في قوله: " هو يقبل " إعلامهم أن القبول ليس إلى الرسول، وإنما هو إلى الله تعالى.

أخبرنا شيخ الإسلام موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي قراءة عليه وأنا أسمع بجامع دمشق، والشيخ أبو بكر بن سعيد بن الموفق الخازن النيسابوري برباط دار الذهب ببغداد قالا: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي ببغداد، قال: أخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرجي، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي الحيري، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كَسْبٍ طيب، ولا يقبل الله إلا طيباً، [ولا يصعد إلى السماء إلا طيب]، إلا كأنما يضعها في يد الرحمن، فيربيها له كما يربي أحدكم فُلوَّه، حتى أن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم، ثم قرأ: { أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } ".


السابقالتالي
2