قوله تعالى: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ } وهم من جهينة ومزينة وأسلم وغفار، وكانوا نازلين حول المدينة، { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } من الأوس والخزرج، { مَرَدُواْ } صفة موصوف محذوف، تقديره: قوم مردوا، أو هو صفة " منافقون " على الفصل بالمعطوف أو بإضمار " مِنْ ". التقدير: ومن أهل المدينة من مردوا على النفاق. قال ابن الأنباري: وهو كقوله:{ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 164]. ومعنى قوله: " مردوا " أي: مرنوا على النفاق وتمهروا فيه. وفي قوله تعالى: { لاَ تَعْلَمُهُمْ } تحقيق لمعنى مرودهم في النفاق وتوغلهم فيه، بحيث خفي على أنور الناس بصيرة وأدقهم نظراً وأصدقهم قرآنية. وفي قوله: { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } تهديد لهم وتخويف من سوء عاقبة نفاقهم. { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } قال ابن عباس وأكثر المفسرين: المرة الأولى: فضيحتهم، " فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً يوم جمعة فقال: اخرج يا فلان فإنك منافق، فأخرج ناساً ففضحهم ". والمرة الثانية: عذاب القبر. وقال الحسن: سنعذبهم مرة بأخذ الزكاة من أموالهم، ومرة بنهك أبدانهم في الجهاد. وقال مقاتل بن سليمان: سنعذبهم عند الموت بضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، وفي القبر بمنكر ونكير. وقال ابن زيد: نعذبهم في الدنيا بالمصائب في الأموال والأولاد، وفي الآخرة بالنار. وفيه بعد؛ لقوله: { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } وهو عذاب جهنم.