الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالى: { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } اختلف العلماء في السابقين الأولين من المهاجرين، فقال أبو موسى وسعيد بن المسيب وقتادة: هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال عطاء بن أبي رباح: هم أهل بدر.

وقال الشعبي: أهل بيعة الرضوان.

ونقل عن محمد بن كعب القرظي ما يدل على أنهم جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروى أبو صخر حميد بن زياد قال: قلت لمحمد بن كعب يوماً: ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان من رأيهم، وإنما أريد الفتن، فقال: إن الله قد غفر لجميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم. قلت: في أي موضع أوجب لهم الجنة في كتابه؟ فقال: سبحان الله، ألا تقرأ قوله: { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ … } الآية، فأوجب الله لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والرضوان، وشرط على التابعين شرطاً لم يشرط عليهم. قلت وما اشترط عليهم؟ قال: اشترط عليهم أن يتبعونهم بإحسان، يقول: يقتدون بأعمالهم الحسنة، ولا يقتدون بهم في غير ذلك. قال أبو صخر: فوالله لكأني لم أقرأها، وما عرفت تفسيرها حتى قرأها عليّ محمد بن كعب.

وقال القاضي أبو يعلى: هم الذين أسلموا قبل الهجرة.

واختلف القراء في قوله: { وَٱلأَنْصَارِ }؛ فقرأ القراء السبعة والأكثرون: " والأنصارِ " بالجر، نسقاً على " المهاجرين " ، وهم أهل العقبة الأولى، وكانوا سبعة، وأهل العقبة الثانية، وكانوا سبعين. والذين بادروا إلى الإيمان حين قدم إليهم مصعب بن عمير وأبو زرارة، وتجيء فيهم الأقوال التي في المهاجرين. وقرأ جماعة منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه والحسن البصري: " والأنصارُ " بالرفع، وبها قرأت على الشيخين أبي بقاء النحوي وأبي عمرو الياسري ليعقوب الحضرمي نسقاً على " والسابقون ".

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ } قال عطاء: هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار بالترحم والدعاء، ويذكرون محاسنهم، فيسألون الله أن يجمع بينهم، فأحسنوا.

وطائفة جعلت مكان الصلاة عليهم [والدعاء] لهم: اللعنة والتنفير عنهم، فتراهم [مجاهرين في سبّ] السابقين الأولين من المهاجرين.

ولقد سمعتُ عظيماً من عظمائهم وطاغية من طغاتهم يذكر الزبير بن العوام حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته، وأول من سلّ سيفاً في سبيل الله، ويقول: هو من أهل النار. فقلت للطاغي الباغي: رسول الله قد شهد له بالجنة، فشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوم من شهادتك وأعدل، ولو استطعت لزدت في الرد والنكير عليه، ولكني خفت حَيْفَه وسيفه، ثم إني نهضتُ كمداً وأنشدت مستشهداً:

السابقالتالي
2