الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ }

قال الله تعالى: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } قال ابن عباس: هي القيامة تغشى الناس بالأهوال.

وقال سعيد بن جبير ومقاتل: هي النار تغشى وجوه الكفار.

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } ذليلة، وهي وجوه الكفار.

وقال ابن عباس: هي وجوه اليهود والنصارى.

قوله تعالى: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } الوصف للوجوه، والمراد: أصحابها.

واختلفوا في موضع العمل؛ فقال قوم: عاملة في الدنيا.

قال ابن عباس في رواية أبي الضحى: هم الرهبان وأصحاب الصوامع.

وقال في رواية عطاء: هم الذين عملوا ونصبوا في الدنيا على غير دين الإسلام، كعبدة الأوثان والرهبان وغيرهم.

وقال عكرمة والسدي: عاملةٌ في الدنيا بالمعاصي، ناصبةٌ في النار يوم القيامة.

وقال قوم: عاملة في النار.

قال ابن عباس -في رواية عنه- والحسن: عاملة في النار بمعالجة السلاسل والأغلال؛ لأنها لم تعمل لله في الدنيا، فأعملها ناصبة في النار.

قال الضحاك: يكلفون ارتقاء جبل في النار من حديد.

قوله تعالى: { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } قرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: " تُصلى " بضم التاء، جعلاه فعلاً رباعياً لم يُسمّ فاعله، متعدياً إلى مفعولين، أحدهما مضمر في الفعل يعود على أصحاب الوجوه المذكورة. والثاني: " ناراً ". وقرأ الباقون: بفتح التاء، وهو في معنى قوله:وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [النساء: 10]. وقد سبق تفسيره.

قوله تعالى: { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أي: متناهية في الحر؛ كقوله:وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمن: 44].

قال الحسن رحمه الله: قد أُوقدت عليها جهنم مذ خُلقت فدُفِعُوا إليها عِطاشاً.

قوله تعالى: { إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } قال ابن عباس في رواية العوفي: هو نبتٌ ذو شوك لاطئٌ بالأرض، تسميه قريش: الشِّبْرِق، فإذا هاج سموه ضريعاً. وأنشدوا قول أبي ذؤيب:
رَعَى الشَّبْرِقَ [الرَّيَّان] حتى إذا ذوَى   وعَادَ ضَريعاً بَانَ عنه النَّحَائِصُ
وقال في رواية الوالبي: هو شجرٌ من نار.

ولا تنافي بين القولين.

قال ابن زيد: الضريع في الدنيا: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، وهو في الآخرة: شوك من نار.

واعلم أن أهل النار متفاوتون في العذاب، كما قال تعالى:لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } [الحجر: 44]، فمنهم من ليس له طعام إلا من ضريع، ومنهم من ليس له طعام إلا من غسلين، ومنهم من طعامه الزقوم.

قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية، قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله: { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ }.