قوله تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } أي: ذات بهجة وحُسن. { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } أي: راضية [بعملها] حين شاهدت ما أفضى بهم إليه من الكرامة. { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } في المكان والمقدار. { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " يُسْمَعُ " بياء مضمومة، " لاغيةٌ " بالرفع. ومثلهما قرأ نافع، غير أنه قرأ: " تُسْمَعُ " بالتاء؛ لتأنيث " لاغية ". وقرأ الباقون: بتاء مفتوحة، " لاغيةً " بالنصب. والمعنى: لا تسمع فيها كلمة ذات لغو، أو نفساً لاغية، فإن أهل الجنة مُنزَّهون عن العبث. قوله تعالى: { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } أي: عيون كثيرة، فهو مثل قوله:{ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } [التكوير: 14]، وقد سبق. { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } قال ابن عباس: ألواحُها من ذهب، مكللةٌ بالزبرجد والدرّ والياقوت، مرتفعة ما لم يجيء أهلها، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها، ثم ترتفع إلى موضعها. { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } كلما أرادوها وجدوها عتيدة حاضرة عندهم. وقيل: موضوعة على حافات العيون. { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } أي: وسائد ومساند قد صُفَّ بعضها إلى بعض، أينما أراد أن يجلس جلس على مِسْوَرَة، واستند إلى أخرى. وواحدة النمارق: " نُمْرُقة " بضم النون والراء. وسمع الفراء من بعض العرب: " نِمْرِقة " بكسرهما. { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } أي: مبسوطة ومفرَّقة في المجالس. والزرابي: الطَّنَافس ذوات الخمل الرقيق، الواحدة: زَرْبِيَّة. قال المفسرون: لما نعت الله ما في الجنة عَجِبَ كفار قريش من ذلك، فذكَّرهم من عجائب مخلوقاته مما يشاهدونه، أو هو حاضر عندهم، عتيد لديهم، ليعتبروا الغائب بالشاهد، فقال تعالى: { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }.