الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } * { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } * { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } * { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } * { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } * { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } * { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } * { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } * { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا }

قال الله تعالى: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال الفراء: سبح اسم ربك، وسبح باسم ربك: سواء في كلام العرب.

وغيره يقول: الاسم صلة، كقول لبيد:
....... ثم اسم السلام.....   .........................
وقد سبق ذلك.

قال الزجاج وجمهورُ المفسرين واللغويين: نَزِّه ربك عن السوء، وقل: سبحان ربي الأعلى.

وروي عن ابن عباس: أن المعنى: صَلِّ بأمر ربك.

وقال ابن جرير الطبري: نَزِّهْ اسم ربك الأعلى أن يسمى باسمه أحد سواه.

{ ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } أي: خلق كل شيء فسوّى خلقه تسوية تؤذن بحكمة بالغة.

{ وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } قال عطاء: قَدَّرَ لكل دابة ما يُصلحها، ثم هداها إليه.

ومن تَلَمَّحَ شأنَ الإنسان، وتَصَفَّحَ أحوالَ سائر الحيوان، وتطلّب ما استودع من الحِكم البديعة وأُلهم من الطرق التي يهتدي بها إلى مصالحه رأى عجائب.

ويحكى: أن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت، وقد ألهمها الله تعالى أن سبب شفائها حكُّ عينيها بورق الرَّازْيَانج الغضّ، وربما كانت في فلاة نائية عن الريف، فتطوي تلك المسافة عمياء، حتى تهجم على بعض البساتين فتحك عينيها بورق الرَّازْيَانج الغضّ، فترجع بصيرة بإذن الله تعالى.

وقال مجاهد وغيره: قدَّر الشقاوة والسعادة، فهدى من [شاء] إلى ما شاء منهما.

وقال السدي: قَدَّرَ مدة الجنين في رحم أمه، ثم هداه للخروج.

وقال مقاتل: قدَّرهم ذكوراً وإناثاً، وهدى الذَّكر لإتيان الأنثى.

قال صاحب النظم: إتيان ذكران الحيوان يختلف؛ لاختلاف الصور والخلق والهيئات، فلولا أنه عز وجل جبل كل ذكر على معرفة كيف يأتي أنثاه لما اهتدى لذلك.

وقرأ الكسائي وحده: " قَدَرَ " بتخفيف الدال، من القُدرة على الأشياء والملك لها.

والمعنى: قَدَرَ فهدى وأضلّ، فحذف الضلال؛ لدلالة الهدى عليه.

وقيل: هو من التقدير، كالقراءة المشددة، كما قال:يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } [الشورى: 12].

قوله تعالى: { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أي: أنبت العُشب، { فَجَعَلَهُ } بعد الخضرة { غُثَآءً } هشيماً جافاً كالغثاء الذي تراه فوق السيل، { أَحْوَىٰ } أسود بعد أن كان أخضر، وذلك أن الكلأ [إذا] تناهى جفافه اسودّ.

ويجوز أن يكون " أحوى " حالاً من " المرعى ".

قال الفراء: أخرج المرعى أحوى، أسود من الخضرة والرِّيِّ فجعله غثاء، كما قال:مُدْهَآمَّتَانِ } [الرحمن: 64].

قوله تعالى: { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } قال مقاتل: سنعلمك القرآن ونجمعه في قلبك فلا تنساه أبداً.

قوله تعالى: { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } قال الحسن وقتادة: إلا ما شاء الله أن ينسخه، فتنساه.

ويروى عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه جبريل بالوحي يُبادره بالقراءة خوف النسيان، فنزلت هذه الآية. وقد ذكرنا مثل ذلك عند قوله:لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ }

السابقالتالي
2