الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } * { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

قوله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال الزجاج: أي: قد صادف البقاء الدائم والفوز من تكثّر بتقوى الله. والشيء الزاكي: النامي الكثير.

وهذا يجمع قول ابن عباس: تطهّر من الشرك بالإيمان.

وقول الحسن: من كان عمله زاكياً.

وقيل: هو تفعُّل من الزكاة، كتصدّق من الصدقة.

قال أبو سعيد الخدري وعطاء وقتادة: أعطى صدقة الفطر.

وقال غيرهم: أخرج زكاة ماله.

{ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } قال ابن عباس: ذكر معادَه وموقفه بين يدي الله، فصلى الصلوات الخمس.

وقال الضحاك: ذكر اسم ربه في طريق المصلَّى، فصلَّى صلاة العيد.

وقال أبو سعيد الخدري: صلَّى العيدين.

واعلم أن هذه السورة مكية بالإجماع، وزكاة المال وصدقة الفطر وصلاة العيدين شُرعت بالمدينة، فلا وجه لتفسير الآيتين بهذه الأحكام.

قوله تعالى: { بَلْ تُؤْثِرُونَ } قرأ أبو عمرو وحده: " بل يؤثرون " بالياء، على الغيبة، حملاً على قوله:ٱلأَشْقَى } [الأعلى: 11]، فإنه اسم جنس. وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب.

واختلفوا هل ذلك خطاب للكفار أو هو على عمومه في الجميع، فإنهم طُبعوا على إيثار الدنيا والميل إليها، إلا من عصم الله تعالى.

قال ابن مسعود: إن الدنيا أُحضرت وعُجّلت لنا طعامها وشرابها ونساؤها ولذّتها وبهجتُها، وإن الآخرة نُعتت لنا وزُويت عنّا، فأخذنا بالعاجل وتركنا الآجل.

والمعنى: يؤثرونها فلا يفعلون ما يُفلحون به.

{ وَٱلآخِرَةُ } يعني: الجنة { خَيْرٌ } من زهرة الحياة الدنيا، { وَأَبْقَىٰ } أدوم من الدنيا الفانية.

قوله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا } إشارة إلى قوله: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } إلى قوله: { خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }. يريد: أن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف.

وقيل: إنه إشارة إلى ما في السورة كلها، وهو قول جماعة، منهم: أبو العالية.

وقال الحسن: الإشارة إلى القرآن، فيكون مثل قوله:وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } [الشعراء: 196].

وقوله: { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } مُفسّر في النجم.