قوله تعالى: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } يريد: المطر. قال الزجاج: سمي بذلك؛ لأنه يجيء ويرجع ويتكرر. وقال الزمخشري: العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض، ثم يُرجعه إلى الأرض، أو أرادوا التفاؤل فسموه رَجْعاً ليرجع. { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } قال المفسرون واللغويون: تتصدَّع عن النبات والأشجار. وجواب القسم: { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } يريد: القرآنُ يَفصل بين الحق والباطل. { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } أي: هو جِدٌّ محضٌ، لا هوادة فيه. وقيل: الضمير في قوله: " إنه لقول " كناية عن الوعيد المتقدم ذكره. قوله تعالى: { إِنَّهُمْ } يعني: كفار قريش { يَكِيدُونَ كَيْداً } يعملون المكايد في إبطال أمري، وإطفاء النور الذي بَعثتُ به رسولي. { وَأَكِيدُ كَيْداً } أستدرجهم من حيث لا يعلمون. { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ } ارتقبهم منتظراً ما أُحِلَّ بهم في الدنيا من العذاب والصَّغار، فظهر ذلك في يوم بدر وغيره، حتى استأصل الله تعالى شأفتهم، وأسكت نامتهم. { أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } أي: إمهالاً يسيراً. و " رويداً " نصبٌ على المصدر. قال ابن قتيبة: لا يُتكلم برويداً إلا مُصغّرة مأموراً بها، وجاءت في الشعر بغير تصغير في غير [معنى] الأمر. وأنشد الكسائي:
تكادُ لا تَكْلِمُ البطحاءَ خُطْوَتُهُ
كأنه ثَمِلٌ يمشي على رُود
وبعض المفسرين يقول: الإمهال منسوخ بآية السيف. ولا مدخل للنسخ هاهنا، على ما قررنا في غير موضع. [والله أعلم].