قوله تعالى: { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ } أي: إن أخذه الجبابرة والظَّلَمَة بالعنف { لَشَدِيدٌ }. { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ } الخلق في الدنيا { وَيُعِيدُ } هم في الأخرى. { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } لذنوب المؤمنين { ٱلْوَدُودُ } المحبّ لهم أو المتحبّب إليهم. وقد فسرنا الودود في هود. { ذُو ٱلْعَرْشِ } صاحبه. قرأ حمزة والكسائي: " المجيدِ " بالجر، صفة العرش، يشير إلى علوّه وعِظَمِه. وقرأ الباقون: " المجيدُ " بالرفع، صفة لذو العرش. وهو أشبه؛ لأن المجيد لم يُسمع في غير صفة الله تعالى. { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } فلا يُسأل عما يَفعل من تسليط الكافرين على المؤمنين وغيره. وقال عطاء: لا يَعْجِزُ عن شيء يريدُه. قوله تعالى: { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } وهم الذين تجنّدوا وتحزّبوا على أولياء الله. { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } بدلٌ من " الجنود ". والمعنى: قد عرفت تكذيبهم للرسل وما نزل بهم لتكذيبهم. { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من قومك { فِي تَكْذِيبٍ } يريد: في أيّ تكذيب. وفي ضمن ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، وتخويفٌ لكفار قريش، ألا تراه يقول: { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ } يريد: لا يفوتونه إذا طلبهم، أو لا يَخْفَوْن عليه. { بَلْ هُوَ } إشارة إلى الذين كَذَّبُوا به { قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } كريم عظيم عال على سائر الكتب؛ بما اشتمل عليه من البلاغة والحِكم والأحكام والإخبار بما كان ويكون، لا كما قالوا: سحر، وكهانة، وأساطير الأولين. وقرأ جماعة، منهم: أبو العالية، وأبو الجوزاء، وأبو عمران، وابن السميفع: " قرآنُ " بغير تنوين، " مجيدٍ " بالجر على الإضافة. { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } عند الله، محروسٍ من الشياطين. وقرأ نافع: " محفوظٌ " بالرفع، صفة لـ " قرآن " ، كما قال:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]. وقرأ [يحيى] بن يعمر: " في لُوحٍ " بضم اللام. واللُّوح: الهواء. يريد [والله] أعلم: ما فوق السماء السابعة. وقال الثعلبي -في هذه القراءة-: المعنى: أنه يلوح، وهو ذو نور وعلو وشرف. والله تعالى أعلم.