قال الله تعالى: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } قال علي عليه السلام: تنشق السماء من المجرّة. قال المفسرون: انشقاقُها من علامات الساعة. وذلك مذكور في مواضع من كتاب الله. فإن قيل: أين جواب " إذا "؟ قلتُ: المختار عند المحققين أنه محذوف؛ ليذهب الذهن [إلى] كل مذهب من أنواع الأهوال. قال بعضهم: حذف الجواب اكتفاء بما عُلم في [نظيرتيهما]، وهما التكوير والانفطار. وقيل: جوابها ما دلّ عليه قوله: { فَمُلاَقِيهِ }. أي: إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كَدْحَه. وهو اختيار الزجاج. وقال المبرد: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه إذا السماء انشقت. قوله تعالى: { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أي: استمعت له، ومنه قوله عليه السلام: " ما أَذِنَ الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ". ومنه قول الشاعر:
صُمٌّ إذا سَمِعُوا خيراً ذُكرتُ به
وإن ذُكرتُ بِشَرٍّ عندهمْ أَذِنُوا
ومعنى الآية: أطاعت ربها في الانشقاق، وحقّ لها أن تطيعه. قوله تعالى: { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } قال ابن عباس: تُمَدُّ مَدَّ الأديم، ويُزاد في سعتها. قال مقاتل: لا يبقى عليها بناء ولا جبل إلا دخل فيها. { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } من الموتى والكنوز { وَتَخَلَّتْ } مما في باطنها من ذلك. { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } في إلقاء ما في باطنها وتخلّيها منه { وَحُقَّتْ } بأن تأذن له. قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } قال الزجاج: الكَدْحُ في اللغة: السَّعي والدُّؤوب في العمل في [باب] الدنيا وفي باب الآخرة. قال تميم بن مقبل:
وما الدَّهْرُ إلا تَارتان فمنهُما
أموتُ [وأخرى] أبتغي العيشَ أكْدَحُ
أي: فتارة أسعى في طلب العيش وأدأب. وقال مقاتل: إنك ساعٍ إلى ربك سعياً. وقال ابن عباس وقتادة وعامة المفسرين: إنك عامل لربك عملاً. وقال ابن قتيبة: فيه إضمار، تقديره: إلى لقاء ربك فَمُلاقٍ ربك. وقيل: فَمُلاق عملك، وهو الكدح. وابن كثير يصل الهاء في " فملاقيه " بياء. وقد ذكرنا علة ذلك فيما مضى. قوله تعالى: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } أي: سهلاً. قالت عائشة رضي الله عنها: هو أن يُعَرَّفَ ذنوبه ثم يَتجاوز عنه. أخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي وأبو الحسن الصوفي قالا: أخبرنا عبد الأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا الفربري، حدثنا البخاري، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد-، عن عثمان ابن الأسود قال: سمعت ابن أبي مليكة قال: سمعت عائشة تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: وحدثنا سليمان، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: وحدثنا مسدد، عن يحيى، عن أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: