الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } * { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } * { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ } * { خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } * { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } * { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ }

قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعٌ عن التكذيب. ويجوز أن يكون متصلاً بما بعده بمعنى: حقاً { إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ }.

روى البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليين في السماء السابعة تحت العرش ".

وقال ابن عباس: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش، أعمالهم مكتوبة فيه.

وقال كعب وقتادة: هو قائمة العرش اليمنى.

وقال الضحاك: سدرة المنتهى.

وقال الحسن: في علو وصعود إلى الله عز وجل.

قال الزجاج: أعلى الأمكنة.

قوله تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } الكلام عليه كالكلام [على] نظيره السابق في هذه السورة.

قال صاحب الكشاف: " عِلِّيُّون ": عَلَمٌ لديوان الخير الذي دُوِّن فيه كُلُّ ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين، منقول من جمع " عِلِّيّ " فِعِّيل من العُلُوّ، كسِجِّين من السِّجن، سمي بذلك إما لأنه سبب الارتفاع إلى أعالي الدرجات في الجنة، وإما لأنه مرفوع في السماء السابعة، حيث يسكن الكَرُوبيُّون، تكريماً له وتعظيماً.

وقال الواحدي: " كتاب مرقوم " ليس بتفسير " عليين " ، وهو يحتمل تأويلين:

أحدهما: أن المرادَ به كتابُ أعمالهم، كما ذكرنا في كتاب الفجار.

الثاني: أنه كتاب في عليين كُتب هناك ما أعدّ الله لهم من الكرامة. وهو معنى قول مقاتل: مكتوبٌ لهم بالخير في ساق العرش.

ويدل على صحة هذا قوله: { يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } يعني: الملائكة الذين هم في عليين يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب.

قوله تعالى: { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } سبق تفسير الأرائك، [وأنها] السُّرُرُ في الحجال. والمعنى: ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة.

وقيل: ينظرون إلى أعدائهم يُعذَّبون في النار.

قال بعض العلماء: ما تَحْجُبُ الحِجَالُ أبصارَهم عن الإدراك.

{ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } يعني: بهجته ورونقه.

وقرأتُ على شيخنا أبي البقاء العكبري رحمه الله لأبي جعفر ويعقوب: " تُعْرَفُ " بضم التاء وفتح الراء، على البناء للمفعول، " نَضْرَةُ " بالرفع.

{ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ } الرَّحِيق: الخمر، في قول جمهور المفسرين واللغويين.

قال الخليل بن أحمد: هو أجود الخمر.

قال الأخفش: هو الخالص من الغش.

وقال ابن قتيبة: الخمر العتيقة.

وقال الحسن: هو عين في الجنة مَشوبةٌ بالمسك.

ومعنى مختوم: أنه خُتم ومُنع من أن يمسه ماسٌّ، أو تتناوله يد إلى أن ينفكّ ختمه للأبرار في الجنة. وهذا معنى قول مجاهد.

قال ابن عباس: خُتْمُهُ الذي يُختم به الإناء مِسْكٌ.

وقال غيره: { خِتَامُهُ مِسْكٌ } [تفسير] لقوله: " مختوم " ، على معنى: آخر طعمه مسك. أي: رائحة المسك.

وقيل: يمزج بالكافور، ويختم مزاجه بالمسك.

وقرأتُ للكسائي من طرقه المشهورة: " خَاتَمُهُ " بألف قبل التاء.

السابقالتالي
2