الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } * { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعٌ وزجرٌ لهم عن التطفيف، والغفلة عن ذكر البعث.

وقوله تعالى: { إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ } مبتدأ.

وقال أبو حاتم: " كلا " مبتدأ يتصل بما بعده، على معنى: حقاً إن كتاب الفجار { لَفِي سِجِّينٍ }. وهو قول الحسن.

وكتابُهم: كُتُبُ أعمالهم.

قال أبو عبيدة: " سِجِّين " فِعِّيل من السّجن.

قال قتادة ومجاهد والضحاك ومقاتل: " سِجِّين ": الأرض السابعة السفلى.

وفي حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سجين أسفل سبع أرضين ".

قال عطاء الخراساني: هي الأرض السابعة، وفيها إبليس وذريته.

{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } على وجه التعظيم لأمره.

وقال الزجاج: المعنى: ليس سجين مما كنت تعلمه أنت ولا قومك، ثم فسره فقال: { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } أي: مكتوب.

وقال غيره: " مرقوم " أي: مُثبت عليهم، كالرَّقْمِ في [الثوب] لا يُمحى حتى يُجازوا به.

قال صاحب الكشاف: " سجين " كتاب جامع، وهو ديوان الشر، دوَّنَ الله فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الجن والإنس، وهو كتاب مرقوم مسطور بيّن الكتابة، أو مُعْلَمٌ يعلم من رآه أنه لا خير فيه. فالمعنى: أن ما كتب من أعمال الفجار مُثبت في ذلك الديوان. وسمي سِجِّيناً: فِعِّيلاً من السِّجْن، وهو الحبس والتضييق؛ لأنه سبب الحبس والتضييق في جهنم، أو لأنه مطروح كما روي تحت الأرض السابعة في مكان وحشٍ مظلم، وهو مسكن إبليس وذريته استهانةً به وإذالةً، وليشهده الشياطين المدحورون، كما يشهد ديوان الخير الملائكة المقربون.

وقال الواحدي: ذكر قوم أن قوله: { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } تفسير للسِّجِّين، وهو بعيد؛ لأنه ليس السجين من الكتاب المرقوم في شيء، على ما حكينا عن المفسرين، فالوجه أن يجعل هذا بياناً للكتاب المذكور في قوله: { إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ } ، على تقدير: هو كتاب مرقوم.

قوله تعالى: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } قال صاحب النظم: هذا منتظم بقوله:يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [المطففين: 6]، وما بينهما اعتراض.

وما بعده مُفسّرٌ فيما مضى إلى قوله: { كَلاَّ } وهو ردع للمعتدي الأثيم عن قوله: { بَلْ رَانَ }.

وقرأ حفص: " بلْ رَان " بإظهار اللام.

قال الزجاج: الإدغام أجود؛ لقرب اللام من الراء، ولغلبة الراء على اللام. وإظهار اللام جائز؛ لأن اللام من كلمة والراء من كلمة أخرى.

قال: و " رَانَ " بمعنى غطّى على قلوبهم. يقال: رَانَ على قلبه الذَّنْبُ يَرينُ رَيْناً؛ إذا غشي على قلبه. ويقال: غَانَ على قلبه يغِينُ غَيْناً، والغَيْنُ: كالغيم الرقيق، والرَّيْن: كالصدأ يغشى على القلب.

وقال غيره: الغين يقال بالراء وبالغين، ففي القرآن: " كلا بل ران ".

وفي الحديث: " إنه ليُغَانُّ على قلبي "

السابقالتالي
2