الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }

قال الله سبحانه وتعالى: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } يعني: انشقت، كقوله:وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ } [الفرقان: 25].

{ وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } تساقطت.

قال ابن عباس: تسقط سُوداً لا ضوء لها.

{ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } فُتِحَ بعضها إلى بعض، فامتزج العذب بالملح وصارت بحراً واحداً.

{ وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } أي: بُحْثِرَت وقُلِبَت؛ لِبَعْثِ مَنْ فيها من الموتى.

وقال الفراء: تُخْرِجُ ما في بطنها من الذهب والفضة، وذلك من أشراط الساعة أن تُخْرِجَ الأرضُ ذهبَها وفضَّتها، ثم تُخرج الموتى.

وجواب " إذا ": { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } وهو مُفسّر في قوله:يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القيامة: 13].

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } الإنسان: اسم جنس، يريد: الكافر.

وقال ابن عباس: يريد: أبا الأشدّين، وقد ذكرناه في المدثر.

وقال عطاء: يريد: الوليد بن المغيرة.

وقال عكرمة: أبيّ بن خلف.

والاستفهام في معنى [إنكار] الاغترار به جلّت عظمته.

قال الزجاج: ما خَدَعَكَ وسَوَّلَ لك، حتى أضَعْتَ ما وجب عليك.

وقال غيره: المعنى: ما غرّك بربك الكريم المتجاوز عنك، إذ لم يعاجلك بالعقوبة.

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: غرَّه والله! جهله وحُمْقُه.

وقال الحسن: غرَّه والله! شيطانُه الخبيث.

وقال قتادة: غرَّه عدوُّه المسلّط عليه.

قال مقاتل: غرَّه عفوُ الله عنه، حين لم يُعاقبه في أول مرة.

وقيل لفضيل بن عياض: لو أقامك الله فقال: ما غرك بربك الكريم؟ ماذا كنت تقول؟ قال: أقول: غرّني سترك المرخى. فنظمه محمد بن السماك فقال رضي الله عنهما:
يا كَاتِمَ الذَّنْبِ أمَا تَسْتَحِي   واللهُ في الخلوةِ ثَانِيكَا
غَرَّكَ مِنْ ربكَ إمْهَالُهُ   وسَتْرُهُ طُولَ مَسَاوِيكَا
وقال يحيى بن معاذ الرازي: لو أقامني الله بين يديه وقال: ما غرّك بي؟ لقلت: غرّني بك بِرُّكَ بي سالفاً وآنفاً.

قوله تعالى: { فَسَوَّاكَ } أي: فجعلك سوياً سالم الأعضاء { فَعَدَلَكَ } تعديلاً متناسباً.

قرأ أهل الكوفة: " فَعَدَلَك " بتخفيف الدال. وقرأ الباقون: بالتشديد.

قيل: هما بمعنى واحد.

وقيل: " عدَلك " بالتخفيف، بمعنى: صرفك.

قال الفراء: صرفك إلى أي صورة شاء.

وقال غيره: صرفك إلى خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق.

قوله تعالى: { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } " ما " مزيدة.

والمعنى: في أي صورة شاء، حسنة أو قبيحة، أو طويل أو قصير، أو ذكر أو أنثى، رَكَّبَك.

وقال مجاهد: في أي صورة من صور القرابات.

أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد في كتابه، أخبرنا عبد الجبار بن أحمد بن محمد الخواري، أخبرنا علي بن أحمد النيسابوري، أخبرنا أبو معمر المفضل بن إسماعيل بجرجان، أخبرنا جدي أبو بكر الإسماعيلي، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن النحاس، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا مُطهّر بن الهيثم الطائي، حدثنا موسى بن علي، عن أبيه، عن جدّه:

السابقالتالي
2