الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } * { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } * { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } * { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } * { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } * { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } * { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } * { وَهُوَ يَخْشَىٰ } * { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } * { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } * { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } * { فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ } * { مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ } * { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } * { كِرَامٍ بَرَرَةٍ }

قال الله تعالى: { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } أخرج مالك في الموطأ من حديث عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: " أنزلت: " عبس وتولى " في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله من عظماء المشركين، فجعل رسول الله يُعرض عنه ويُقبل على الآخر ويقول: أترى بما أقول بأساً؟ فيقول: لا، ففي هذا أنزل ".

ولا خلاف بين أهل [العلم] أنها نزلت فيه، وكان من بني عامر بن لؤي بغير خلاف، واسم أمه أم مكتوم: عاتكة بنت عبدالله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم، واسمه: عبدالله، وقيل: عمرو، وهو الأشهر والأكثر.

واختلفوا في اسم أبيه؛ فقيل: زائدة بن الأصم. وقيل: قيس بن مالك بن الأصم بن رواحة بن صخر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي القرشي [العامري]. وقيل: غير ذلك.

كان قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى المدينة مع مصعب بن عمير قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الواقدي: قدمها بعد بدر بيسير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخلفه في أكثر غزواته، وهو ابن خال خديجة بنت خويلد، وشهد فتح القادسية، وكان معه اللواء يومئذ، واستُشهد رضي الله عنه.

قال المفسرون: أتى ابنُ أم مكتوم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الملأ من قريش: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية وأبيّ ابنا خلف، والوليد بن المغيرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الله ويرجو إسلامهم، فجعل ابن أم مكتوم يقول: علمني يا رسول الله مما علمك الله، وجعل يكرر ذلك النداء ولا يدري أنه مشغول عنه بغيره، فكلح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه، وأقبل على صناديد قريش يدعوهم إلى الله، فأنزل الله هذه الآيات. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه بعد ذلك يقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، ويكرمه ويقول: هل لك من حاجة؟.

ومعنى: " عَبَسَ ": قَطَّبَ وكلّح.

وقرئ: " عبَّس " بالتشديد؛ للتكثير.

" وتولّى ": أعرض بوجهه.

" أنْ جَاءَهُ " منصوب بـ " تولى " ، أو بـ " عبس ". ومعناه: عبس لأن جاءه الأعمى وأعرض لذلك.

وقرأ أُبيّ بن كعب والحسن: " آن جاءه " بهمزة واحدة مفتوحة ممدودة.

وقرأ ابن مسعود وابن السميفع: بهمزتين مقصورتين مفتوحتين.

فيكون الوقف على قوله: " وتولى " ، ثم يبتدئ: " [أأن جاءه] " ، أي: ألأن جاءه الأعمى، فَعَلَ ذلك إنكاراً عليه، ثم الرجوع من المغايبة إلى المخاطبة بقوله: { وَمَا يُدْرِيكَ } مُشعر بزيادة الإنكار.

السابقالتالي
2