الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } * { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } * { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } * { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } * { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } * { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } * { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } * { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } * { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } * { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ }

قوله تعالى: { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ } أي: لعن الكافر.

قال الضحاك: وهو أمية بن خلف.

وقال مقاتل: عتبة بن أبي لهب.

وقال مجاهد: كل كافر.

{ مَآ أَكْفَرَهُ } أي: ما أشدّ كفره بالله.

قال الزجاج: معناه: اعجبوا أنتم من كُفْرِه.

ثم أخذ الله سبحانه وتعالى في وصف حاله من ابتداء كونه إلى انتهائه، مُذَكِّراً له بأَنْعُمِهِ وقدرته فقال: { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } استفهام في معنى التقرير.

ثم بَيَّنَ الشيءَ الذي خلقه منه بقوله: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } قال ابن السائب: قدّر أعضاءه، رأسه وعينيه ويديه ورجليه.

وقال مقاتل: قدّره أطواراً، نطفة، ثم علقة، إلى آخر خلقه.

وقال الزجاج: قدّره على الاستواء.

{ ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } انتصب " السبيل " بإضمار: " يسّر " ، وفَسَّره بيسّره.

والمعنى: ثم سهّل سبيله، وهو مخرجه من بطن أمه.

وقال الحسن ومجاهد: سهّل له العلم بطريق الحق والباطل.

{ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } جعله ذا قبر يُوارى فيه تكرمة له، ولم يجعله على وجه الأرض جَزَراً للسباع والطير، كسائر الحيوان.

يقال: أقْبَرَ الميت؛ إذا جعل له قبراً، وقَبَرَه: إذا دفنه بيده فهو [قابره].

قال الأعشى:
ولوْ أسندتَ ميتاً إلى نحْرِهَا   عَاشَ ولم يُسْلَمْ إلى قَابِر
أي: إلى دافن يدفنه بيده.

{ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } بعثه بعد الموت. يقال: أنشر الله الميت؛ إذا [أحياه]، ونُشِرَ هو: [حيا] بنفسه. قال الأعشى:
حتى يقولَ الناسُ مما رأوْا   يا عجباً للميتِ النَّاشر
قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعٌ للإنسان عما هو عليه.

وقال الحسن: حقاً.

{ لَمَّا يَقْضِ } (أي: لم يقض { مَآ أَمَرَهُ } به ونهاه عنه، يريد: الكافر.

وقيل: معناه: لم يقض) ما عاهد الله في الميثاق الأول.

وقال مجاهد: لا يقضي أحدٌ أبداً كُلَّ ما افترض الله عز وجل عليه.

فيكون عاماً في المؤمن والكافر.

قوله تعالى: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } أمر الله سبحانه وتعالى الإنسان بالنظر إلى طعامه، الذي هو سبب حياته، ومادّة بقائه، ليستدل بعجيب [تدبير] الله في إيجاده وإنباته على صحة البعث وكونه.

قرأ أهل الكوفة: " أنَّا صَبَبْنا " بفتح الهمزة، وكسرها الباقون.

فمن فتحها فعلى البدل من الطعام. ومن كسرها فعلى الاستئناف.

والمعنى: أنا صَبَبْنا الغيث صَبّاً.

{ ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ } بالنبات { شَقّاً }.

{ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } قال الزجاج: هو كل ما حُصِد؛ كالحنطة والشعير، وكل ما يتغذى به من ذي حَبّ.

{ وَعِنَباً وَقَضْباً } يريد: الرَّطْبة التي تُعلف بها البهائم، وهو القَتُّ أيضاً.

قال ابن قتيبة: سُمي بذلك؛ لأنه يُقْضَبُ مرة بعد مرة، أي: يُقطع. وكذلك القصيل؛ لأنه يُقْصَل، أي: يُقطع.

{ وَحَدَآئِقَ غُلْباً } قال الفراء: كل بستان يُحاط عليه حائط فهو حديقة، والغُلْبُ: ما غَلُظَ من النخل.

قال أبو عبيدة: يقال: شجرةٌ غَلْبَاء؛ إذا كانت غليظة.

السابقالتالي
2