الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } أي: حققوا إيمانهم وصدقوه بالعمل بمقتضاه وفعل ما يحبه الله تعالى ويرضاه، والرزق الكريم: الحسن. وهذه الآية ثناء عليهم، والتي قبلها أمر لهم بالتواصل والتناصر، فلا تكرار.

قوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ } يريد اللاحقين بالسابقين إلى الهجرة.

قال ابن عباس: هم الذين هاجروا بعد الحديبية.

{ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ } في الموالاة وغيرها، { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ } يعني: القرابات { بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } في الميراث.

قال المفسرون: وهذا نسخ لما كانوا يتوارثون به من الهجرة والمؤاخاة.

وقد استدل علماؤنا بهذه الآية على توريث ذوي الأرحام، وبه قال أبو حنيفة.

وقال مالك والشافعي: لا يرثون.

وقد روى الإمام أحمد بإسناده: " أن أبا عبيدة كتب إلى عمر رضي الله عنه في رجل قتل ولا وارث له إلا خال، فكتب إليه عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له ".

ولأن ذوي الأرحام ساووا المسلمين في الإسلام وامتازوا بقرابة الرّحم فوجب تقديمهم.

فصل

وميراثهم عند الإمام أحمد رضي الله عنه بالتنزيل، فإذا مات عن بنت بنت وبنت أخت، فلكل واحد منهما النصف، ويرث الأبعد مع الأقرب إذا كانا من جهتين.

مثاله: (خالة وبنت عمة): للخالة الثلث، والباقي لبنت العمة.

وقال أكثر المنزلين: المال للأقرب، وهي الخالة، كما لو كانا من جهة واحدة.

وهل يستوي بين الذكور والإناث في الميراث؟ فيه عن إمامنا روايتان:

إحداهما: يسوّى بينهم؛ لأنهم يرثون بالرحم المحض، فلا يفضل الذكر على الأنثى كالإخوة من الأم.

والأخرى: يفضل الذكر على الأنثى، وبها قال أبو حنيفة وأصحابه.

والمراد بقوله { فِي كِتَابِ ٱللَّهِ }: اللوح المحفوظ. وقيل: القرآن، فأتى فيه قسمة الموارث، وقيل: في حكمه وقسمته.

{ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ } مما خلق وفرض وحدّ { عَلِيمٌ }.