قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ } أي: هجروا أوطانهم وأهلهم وأموالهم { وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ونصرة دينه، { وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ } يعني: الأنصار آووا المهاجرين وأسكنوهم في منازلهم ونصروهم على أعدائهم، { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } في المعاضدة والمناصرة.
وقيل: في الميراث.
قال المفسرون: فكان المهاجرون يتوارثون بالهجرة دون القرابة، وهو معنى قوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } ، ثم نسخ ذلك بقوله:{ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [الأنفال: 75].
قرأ حمزة: " من وِلايتهم من شيء " بكسر الواو، وافقه الكسائي في الكهف، وفتحها الباقون.
قال ابن الأنباري: الوَلاية - بالفتح -: مصدر الوَليّ، وبالكسر: مصدر الوالي، يقال: وَلِيٌّ بَيِّن الوَلاية، ووالٍ بَيِّن الوِلاية، ثم يصلح في ذا ما يصلح في ذا.
وقال أبو عبيدة: الوَلاية للخالق، والوِلاية - بالكسر - للمخلوق.
وقال يونس النحوي: الوَلاية -بالفتح- لله عز وجل، والوِلاية: من وليت الأمر.
وقيل: هما بمعنى واحد كالوَكالة والوِكالة.
{ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ } يعني: الذين آمنوا ولم يهاجروا { فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ } أي: فواجب عليكم نصرهم والذبّ عنهم لكونهم مؤمنين، { إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } أي: عهد، فلا تنصروهم عليهم لما في ذلك من الغدر والنقض.