الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيۤ أَيْدِيكُمْ مِّنَ ٱلأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيۤ أَيْدِيكُمْ مِّنَ ٱلأَسْرَىٰ } قال أهل التفسير: لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسارى المدينة، وفيهم العباس بن عبدالمطلب وعقيل، ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، وكان مع العباس يومئذ عشرون أوقية من ذهب، ولم يبلغه النَّوْبَة في الإطعام، فأخذت منه في الحرب، فكلّم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتسب بها من فدائه، فأبى وقال: شيء خرجت تستعين به علينا لا أتركه لك، وألزمه بفداء ابني أخيه عقيل ونوفل ثمانين أوقية من ذهب، وكان فداء كل أسير أربعين أوقية.

وقال محمد بن سيرين: كان فداء كل أسير مائة أوقية، والأوقية أربعون درهماً.

وقال العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت عمك يتكفف قريشاً ما عاش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأين الذهب الذي تركته عند أم الفضل، فقلت لها: ما أدري ما يصيبني في وجهي هذا، فإن حدث بي حدث فهذا لك ولعبدالله والفضل ولقثم " يعني: بنيه، فقال: يا ابن أخي وما يدريك؟ فقال: " أخبرني به ربي عز وجل ". فقال العباس: أشهد أنك صادق وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، والله لم يطلع على هذا أحد سوى الله، ولقد دفعته إليها في سواد الليل. فأسلم، وأمر ابني أخيه فأسلما. وأنزل الله تعالى هذه الآية.

وروي عن ابن عباس: أنها نزلت في جميع من أُسِرَ يوم بدر.

وقال ابن زيد: لما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجال فقالوا: [لولا] أنا نخاف القوم لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فلما كان يوم بدر قالوا: لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره، واستحللنا ماله، فخرج أولئك القوم، فقتلت طائفة وأسرت طائفة. فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله فيهم:إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ } [النساء: 97]، وأما الذين أُسِروا فقالوا: يا رسول الله، أنت تعلم أنا كنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وإنما خرجنا مع هؤلاء خوفاً منهم، فذلك: { قُل لِّمَن فِيۤ أَيْدِيكُمْ مِّنَ ٱلأَسْرَىٰ } إلى قوله: { عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.

قوله تعالى: { إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً } يعني: صدقاً وإيماناً { يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ }.

وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة: " أَخَذ " بفتح الهمزة والخاء، يعني: أكثر مما أخذ منكم من الفداء وأحل وأطيب.

قال العباس رضي الله عنه: فأعطاني الله عز وجل خيراً مما أخذ مني عشرين عبداً كلهم يضرب بمال كثير، وأدناهم من يضرب بعشرين ألف درهم، وأنا أرجو المغفرة من ربي.

أخرج البخاري في صحيحه تعليقاً من حديث أنس بن مالك قال:

السابقالتالي
2