الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ } أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: " لما كان يوم بدر التقوا فهزم الله المشركين، وقُتل منهم سبعون رجلاً وأُسر سبعون رجلاً، استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر، فقال أبو بكر: يا نبي الله! هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوةً لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم فيكونوا لنا عضداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قال: قلت: والله ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكنني من فلان -قريب لعمر- فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولم يهوَ ما قلتُ، فأخذ منهم الفداء. فلما كان من الغد قال عمر بن الخطاب: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر الصديق وإذا هما يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني ماذا يبكيك وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من الفداء، عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة، فأنزل الله تعالى: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ } إلى قوله: { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ … } الآية " هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه.

وفي حديث آخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لَيُلَيِّنُ قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدّد قلوب رجال حتى تكون أشدّ من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم، قال: { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [إبراهيم: 36]. وإن مثلك يا عمر كمثل نوح، قال: { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26] ".

قرأ أبو عمرو: " أن تكون " بالتاء، لتأنيث لفظ " الأسرى " ، وقرأ الباقون بالياء، لتذكير معناه كما سبق.

قرأ أبو جعفر [والمُفَضَّل] عن عاصم فيما قرأته لهما: " له أُسَارى " بضم الهمزة فيهما وإثبات ألف بعد السين، وافقهما أبو عمرو وأبان عن عاصم في الموضع الثاني، الباقون بفتح الهمزة من غير ألف.

السابقالتالي
2 3