وما بعده سبق تفسيره إلى قوله: { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ } وهو بدل من قوله: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهو بدل البعض من الكل. والمعنى: الذين عاهدت من الذين كفروا، فـ " مِنْ " على هذا للتبعيض. { ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } قال ابن عباس وغيره: هم بنو قريظة، [عاهدوا] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربوه ولا يعينوا عليه، فنقضوا العهد، وأعانوا مشركي مكة بالسلاح، ثم قالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدوه الثانية فنكثوا ومالؤوا الكفار يوم الخندق، ومنهم كعب بن الأشرف الذي كان يحرض أهل مكة ويبكي قتلى بدر. { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } نقض العهد، ولا يخشون ما في ذلك من العار وعذاب النار. { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ } تصادفنهم وتظفرنّ بهم في الحرب، وقد سبق في { فَإِمَّا } في أوائل البقرة. { فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } أي: فرّق بما تفعل بهم من التنكيل والعقوبة جَمْعَ مَنْ [وراءهم] من أعدائك وناقضي عهدك حتى لا يجسروا عليك. وقرأ ابن مسعود: " فشرّذ " بالذال المعجمة. قيل: هما بمعنى واحد. وقال الزمخشري: كأنه مقلوب " شذر " ، من قولهم: شذر مذر.