قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ } أي: جماعة كافرة. وتَرَكَ وصفَهم بالكفر لانحصار القتال إذ ذاك لهم. والمعنى: فاثبُتوا لقتالهم. { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } في ذلك الموطن، بالدعاء والثناء والاستنصار على الأعداء، فإن الله ذَاكِرٌ مَنْ ذَكَرَهُ، ونَاصِرٌ مَنْ نَصَرَه. { لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } تفوزون بمقصودكم ورضا معبودكم. ثم حذّرهم من اختلاف الآراء فقال: { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ } قوله: " فتفشلوا " نصب بإضمار " أَنْ " ، ويجوز أن يكون داخلاً في جملة النهي، فيكون مجزوماً. ويؤيده ما قرأته على شيخنا أبي البقاء عبدالله بن الحسين اللغوي: " وَيَذْهَبْ " بالياء وسكون الباء. ويؤيد الأول قراءة الباقين. ومعنى قوله: { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }: دولتكم. قاله أبو عبيدة. قال الزمخشري: شُبِّهَتْ في نفوذ أمرها وتمشيته بالريح وهبوبها. يقال: هَبَّتْ رياح فلان؛ إذا دالت له الدولة ونفذ أمره. وقيل: لم يكن نصرٌ قط إلا بريح يبعثها الله. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " نُصِرْتُ بالصَّبَا، وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُور ". قلت: وإلى قول أبي عبيدة تؤول أقوال المفسرين؛ من أن الريح: الصولة أو الحدّة أو الشدة أو النصر.