الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله تعالى: { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } " ما " بمعنى الذي، والهاء محذوفة من الصلة، أصله: غنمتموه، والخبر { فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ }.

قال الزجاج: الأموال ثلاثة أصناف: فما صار إلى المسلمين من المشركين في حال الحرب فقد سمّاه الله أنفالاً وغنائم. وما صار من المشركين في خراج أو جزية مما لم يؤخذ في الحرب فقد سمّاه الله فَيْئاً. وما خرج من أموال المسلمين؛ كالزكاة والنذر والقُرَب فقد سمّاه الله صدقة.

ومعنى الآية: اعلموا أن ما غنمتم من المشركين قسراً وقهراً، من شيء قليل أو كثير.

قال مجاهد رحمه الله: المَخِيطُ من الشيء.

{ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ } وقرأتُ لأبي عمرو من رواية عبد الوارث: " خُمْسَه " بتسكين الميم.

فصل

لا نعلم خلافاً بين العلماء: أن أربعة أخماس الغنيمة لمن شهد الوقعة على قصد الجهاد وإن لم يقاتل، للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه.

وقال أبو حنيفة: للفارس سهمان. فأما من حضر بعد انقضاء الحرب فلا حق له فيها.

قال أبو حنيفة: إذا لحق المدد بعد انقضاء الحرب أسهم لهم. واحتجوا بحديث أبي موسى قال: " قدمنا، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئاً إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم ". وهو حديث مخرج في الصحيحين.

وأجاب عنه الآخرون، فقالوا: إنما أعطاهم من الجنس الذي هو حقه دون حقوق من شهد الوقعة، وإن كان قد أعطاهم من الغنيمة فلموضع حاجتهم بإذن الغانمين.

فإن قيل: قد أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان وطلحة من غنائم بدر ولم يشهداها؟

قلت: كان ذلك في وقت كانت الغنيمة خالصة للنبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية.

وأما السهم الخامس؛ فقال مالك: هو مفوّض إلى اجتهاد الإمام يضعه حيث يرى.

المشهور من قول مشاهير الأئمة وجماهير الأمة: أنه يقسم على ما نطقت به هذه الآية على خمسة أسهم.

وشذّ أبو العالية فقال: يقسم على ستة أسهم، وجعل السهم المضاف إلى الله للكعبة، والجمهور على خلافه.

والمعنى: فأن للرسول خُمُسه، وذكر اسم الله للتبرّك به، أو لإظهار شرف المكسبة وطيبها حيث أضيفت إلى الله تعالى.

فصل

وأما سهم الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يصنع فيه ما شاء مدة حياته.

واختلفوا: هل سقط بموته؟

فقال أبو حنيفة: سقط بموته كالصَّفِيّ.

وقال الأكثرون: لا يسقط بموته.

ثم اختلفوا في ماذا [يُصنع] به؟ فقال قتادة: هو للخليفة بعده.

وقال أحمد والشافعي: يصرف في المصالح.

وعن أحمد رواية أخرى: أنه يصرف إلى أهل الديوان الذين نصبوا أنفسهم للجهاد.

السابقالتالي
2 3