الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } ، سبب نزول هذه الآية: أن أهل بدر اختلفوا في الغنيمة وتَشاحُّوا فيها، فقال الشُّبَّان: هي لنا؛ لأنهم سارعوا إلى القتل والأسر وأبلوا بلاءً حسناً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: " من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا " وقال الشيوخ والوجوه الذين ثبتوا تحت الرايات: كنا ردءاً لكم، ولو انهزمتم لانحزتم إلينا. وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: المغنم قليل والناس كثير، وإن تعط هؤلاء ما شرطت لهم خرجت أصحابك، فنزلت: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ }. رواه عكرمة عن ابن عباس.

فعلى هذا يكون المعنى: يسألونك عن حكم الأنفال سؤال استفتاء.

قال الزجاج: إنما سألوا عنها؛ لأنها كانت حراماً على من كان قبلهم.

وقال صاحب النظم: المعنى: يسألونك عن الأنفال لمن هي؟ يدل عليه قوله: { قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } يحكمان فيها ما أرادا، ويضعانها حيث شاءا، فلما نزلت هذه الآية قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل بدر على السواء.

والأنفال: جمع نَفْل، وهي الغنيمة، في قول الحسن ومجاهد وعطاء وعكرمة والضحاك والزجاج وجمهور العلماء.

وقيل: الأنفال: ما نفّله رسول الله صلى الله عليه وسلم القاتل بقوله: " من قتل قتيلاً فله كذا وكذا ".

وأخرج أبو داود في سننه من حديث سعد بن أبي وقاص قال: " لما كان يوم بدر جئت بسيف، فقلت: يا رسول الله، قد شفي صدري من المشركين أو نحو هذا، هب لي هذا السيف. فقال: هذا ليس لي ولا لك، فقلت: عسى أن يُعطى هذا من لا يبلي بلائي، فجاءني الرسول [فقال]: إنك سألتني [هذا السيف] وليس لي، وإنه قد صار لي وهذا لك. قال: ونزلت: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ... } الآية " هذا حديث صحيح أخرجه مسلم طرفاً من حديث طويل.

وقيل: إن " عن " زائدة، على معنى: يسألونك الأنفال، وهي قراءة سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وأبيّ بن كعب في آخرين، على نحو ما سأله إنسان وتعدى.

{ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } قال عبادة بن الصامت: " اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله عز وجل من أيدينا فجعله لرسول الله، يقسمه بين المسلمين على السواء، وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين ".

والمعنى: هي مختصة بالله وبالرسول، يقضي فيها بأمر الله على ما تقتضيه حكمته من المساواة والمواساة بين الشباب الذين شرط لهم الأنفال، وبين الشيوخ الذين كانوا ردءاً لهم؛ لما فيه من [انتظام] أمرهم، وإصلاح ذات بينهم، وإلفة قلوبهم.

وزعم بعضهم أنها منسوخة بقوله:

السابقالتالي
2 3 4