الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ }

قوله تعالى: { وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ } أي: ولا تعرضوا عن الرسول ولا تخالفوه فيما أمركم به ونهاكم عنه، { وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } ما قرأه عليكم من الكتاب الذي شهد إعجازه بصدقه، وما يشتمل عليه من المواعظ والزواجر والبشارة لكم في هذه الدنيا بالظهور والغلبة وفتح البلاد، وفي الآخرة بالمصير إلى رضوان الله وجنته.

{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا } أي: قالوا بألسنتهم سمعنا { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } سماع قبول.

قال الزجاج: لم يتفكروا فيما سمعوا، فكانوا كمن لم يسمع.

قال ابن عباس في رواية أبي صالح: هم بنو عبد الدار بن قصي.

وقال في رواية أخرى: هم بنو قريظة والنضير.

وقال ابن إسحاق والواقدي: هم المنافقون.

قال الزجاج: يعني به الذين قالوا:قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ } [الأنفال: 31].

قوله تعالى: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } نزلت في بني عبد الدار، وكانوا شديدي الكفر والعناد، لم يسلم منهم سوى رجلين، أحدهما: مصعب بن عمير، والآخر: سويد بن حرملة، وكانوا يقولون لفرط غلوّهم وعتوّهم: نحن صُمٌ بُكْمٌ عُمْيٌ عما جاء به محمد.

والمعنى: إن شر من دبّ ودرج على وجه الأرض، أو أن شرّ البهائم الصم عن سماع الحق، البكم عن النطق به، العمي عن النظر إليه، الذين لا يعقلون، فجعلهم سبحانه وتعالى من جنس البهائم، جعلهم شرّ البهائم، تحقيقاً لمعنى صممهم وبكمهم وعماهم، وعدم عقلهم الموجب لشدة إعراضهم عن الحق الواضح.

ثم أخبر سبحانه وتعالى بما طُبعوا عليه من الشقاء في سابق العلم والقضاء، فقال جل وعز: { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ } يعني: لأسمعهم سماع تفهّم وقبول، { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ } بعد أن علم أنهم لا خير فيهم { لَتَوَلَّواْ } لرجعوا القهقرى ناكصين على أعقابهم ارتداداً وعناداً.