قال الله تعالى: { وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً } قال علي عليه السلام: هي الملائكة تنزع أرواح الكفار. قال مقاتل: مَلَكُ الموت وأعوانُه، ينزعون روح الكافر، كما يُنزع السَّفُّود الكثير الشُّعب من الصوف المبتل، فتخرج نفسه كالغريق في الماء. وهذا قول جمهور المفسرين. وقال مجاهد: هو الموت ينزع النفوس. قال السدي: النازعات: النفوس حين تنزع. وقال الحسن وقتادة: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق، ومن مشرق إلى مغرب. وهي اختيار أبي عبيدة والأخفش. وقال عطاء وعكرمة: هي القسي تنزع بالسهم. وقيل: هي الوحوش تنزع وتنفر. وقيل: هي الرماة. " غرقاً ": إغراقاً وإبعاداً في النزع، فهو اسم أُقيم مقام الإغراق. قوله تعالى: { وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } قال علي عليه السلام: هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الجلد والأظفار حتى تُخرجها من أجوافهم بالكَرْب والغم. قال مقاتل: ينزعُ ملكُ الموت روحَ الكافر، فإذا بلغت ترقوته عَوَّقَها في حلقه، فيعذبه في حياته [قبل أن يميته]، ثم يُنشِطها من حلقه، -أي: يجذبها- كما يُنْشَطُ السَّفُّودُ من الصوف المبتلّ. وقال مجاهد: هو الموت ينشط النفوس. وقال ابن عباس: هي الملائكةُ تَنْشُطُ أرواحَ المؤمنين بسرعة. وقال أيضاً: هي أنفس المؤمنين تنشط عند الموت للخروج. وذلك أنه ليس من مؤمن يحضره الموت إلا عُرضت [عليه] الجنة قبل أن يموت، فيرى فيها ما يدعوه إليها، فتنشط نفسه لذلك. وقال قتادة وأبو عبيدة والأخفش: هي النجوم التي تَنْشَطُ من مطالعها إلى مغاربها. وقال عطاء وعكرمة: هي الأوهاق. وقيل: هي الوحش حين ينشط من بلد إلى بلد، كما أن الهُموم تنشط الإنسان من بلد إلى بلد. قاله أبو عبيدة. وأنشد قول [هميان] بن قحافة:
أمْسَتْ هُمومي تَنْشَطُ المَنَاشِطَا
الشَّام [بي] طوْراً ثم طَوْرَاً وَاسِطَا
قوله تعالى: { وَٱلسَّابِحَاتِ سَبْحاً } قال علي عليه السلام: هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين. قال ابن السائب: يقبضون أرواح المؤمنين كالذي يسبح في الماء، فأحياناً ينغمس وأحياناً يرتفع، يَسُلُّونها سَلاً رفيقاً، ثم يدعونها حتى تستريح، كالسابح بالشيء في الماء يرفق به. وقال أبو صالح ومجاهد: هي الملائكة ينزلون من السماء مسرعين، كما يقال للفرس الجواد [سابح]؛ إذا أسرع في جريه. وقال مجاهد أيضاً: هو الموت يسبَح في نفوس بني آدم. وقال قتادة: هي النجوم والشمس والقمر، كُلٌّ في فلك يسبحون. وقيل: هي خيل الغزاة. وقال عطاء: هي السفن. قوله: { فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً } قال علي عليه السلام: هي الملائكةُ تَسْبِقُ الشياطينُ بالوحي إلى الأنبياء عليهم السلام. وقال الحسن: سبقت إلى الإيمان. وقال مجاهد: [تَسْبِقُ] بأرواح المؤمنين إلى الجنة. وقال ابن مسعود: هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها وقد عاينت السرور شوقاً إلى لقاء الله ورحمته وكرامته.