قوله تعالى: { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } وقرأ قتادة: " نَهْلِكِ " بفتح النون، من هلكه بمعنى: أهلكه. قرأ الأكثرون: { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } برفع العين على الاستئناف، [ويؤيده] قراءة ابن مسعود: " ثم سنتبعهم ". وقرأ الأعرج: " نُتْبِعْهُم " بجزم العين، عطفاً على " نهْلك ". وهذا تهديد لكفار مكة. قال ابن جرير: الأولون: قومُ نوح وعاد وثمود، والآخرون: قومُ إبراهيم ولوط ومدين. { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } أي: مثلُ ذلك الفعل الشنيع نفعل بكل من أجرم. قوله تعالى: { أَلَمْ نَخْلُقكُّم } وقرأتُ لقالون من رواية أحمد بن صالح عنه: " نخلُقْكُم " بإظهار القاف. { مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } ضعيف. والمراد من ذلك: تذكيرهم بقدرته على ما يريد من البعث وغيره. { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } وهو الرحم. { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } وهو مدة الحمل. { فَقَدَرْنَا } وقرأ نافع والكسائي: " فقدَّرنا " بتشديد الدال. قال أبو علي: قَدَّرَ وقَدَرَ لغتان. فمن قرأ: " فقَدَرنا " بالتخفيف؛ فلقوله: { فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } ، فـ " القادرون " أشكل بـ " قَدَرْنا " ، ويجوز " القادرون " مع قدّر، فيجيء باللغتين، كما قال:{ فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ } [الطارق: 17]. وقال غيره: المخففة من القدرة والمُلْك، [والمشددة من التقدير] والقضاء. ويؤيد القراءة بالتشديد قوله:{ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } [عبس: 19]. قوله تعالى: { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } معنى الكَفت في اللغة: الضم والجمع، والكفات هاهنا: اسم لما يكفِت، مثل: الضمام والجماع: اسم لما يُضمّ ويجمع. قال الزمخشري: [وبه] انتصب { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } كأنه قيل: كافتة أحياءً وأمواتاً. أو بفعل مضمر يدل عليه وهو: يكفت. وقال الأخفش: انتصب على الحال. والمعنى: تكفت أحياء على ظهرها، وأمواتاً في بطنها. هذا قول قتادة وجمهور المفسرين. وقال مجاهد وأبو عبيدة: المعنى: ألم نجعل الأرض أحياء بالنبات والعمارة، وأمواتاً بالخراب والجفاف. { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ } جبالاً ثوابتَ عالياتٍ، وكلُّ عالٍ فهو شامخ. { وَأَسْقَيْنَاكُم } مفسرٌ في الحِجْر. { مَّآءً فُرَاتاً } عذباً. وقد سبق أيضاً تفسيره. قال مقاتل: وهذا كله أعجب من البعث. ثم ذكر ما يقال لهم في الآخرة، فقال: { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }.