الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً } * { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } * { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } * { فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } * { فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً } * { عُذْراً أَوْ نُذْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } * { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } * { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } * { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } * { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

قال الله تعالى: { وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً } أقسم الله سبحانه وتعالى بالرياح يتبع بعضها بعضاً، كعُرْف الفرس. وهذا المعنى مروي عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وقتادة.

{ فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } وهي الرياح الشديدة الهبوب.

{ وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } قال ابن مسعود: هي الرياح التي تنشر السحاب.

وقال الحسن: هي الرياح التي ينشرها الله بين يدي رحمته. هذا قول جمهور المفسرين.

{ فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } قال مجاهد: هي الرياح تُفَرِّقُ بين السحاب فتُبَدِّده.

وقيل: المرسلات: الملائكة.

فيكون سبحانه قد أقسم بطوائف من الملائكة أرسلهن بالمعروف من أمره سبحانه، فعصفن في مشيهنّ، كما تعصف الرياح مسارعة في امتثال أمره [بطوائف] منهم، نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهنّ بالوحي، أو نشرن الكتب [ففرقن] بين الحق والباطل، فألقين ذكراً إلى الأنبياء عليهم السلام.

وقال أبو هريرة وابن مسعود في رواية مقاتل: المرسلات: الملائكة.

قال الزجاج: العاصفات: الملائكة تعصف بروح الكافر.

وقال الضحاك: الناشرات: الصحف تنشر على الله تعالى بأعمال العباد.

وقال الحسن وقتادة: " الفارقات ": آيات القرآن تفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام.

وقال قطرب: المُلْقيات: الرسل يلقون ما أنزل الله إليهم إلى الأمم.

فإن قيل: ما وجه النصب في " غرقاً "؟

قلتُ: نصبه على الحال، على التفسير الذي ذكرناه أولاً، على معنى: متتابعة. ويجوز أن يكون مفعولاً له إذا أريد بالمرسلات: الملائكة، أي: أُرسلن للمعروف الذي هو نقيض المنكر.

قوله تعالى: { عُذْراً أَوْ نُذْراً } قرأ الحرميان وابن عامر وأبو بكر: بضم الذال فيهما. وقرأهما الباقون: بالإسكان. وهما لغتان، والضم الأصل، والإسكان للتخفيف، وهما مصدران في موضع المفعول لهما، أي: للإعذار والإنذار. ويجوز أن يكونا منصوبين على البدل من " ذكراً " ، وجواب القسم قوله تعالى: { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } والمعنى: إنما توعدون من البعث والجزاء لكائن.

قوله تعالى: { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ } مبتدأ، خبره: { طُمِسَتْ }.

وقيل: " النجوم " رفع بفعل مضمر دل عليه " طمست " ، والجملة في موضع الجر بـ " إذا " ، والعامل في إذا مضمر، تقديره: فاذكر إذا النجوم طمست، وإن شئت كان التقدير: فإذا النجوم طمست بِعُثْتُم. وإعراب ما بعده من المواضع الثلاثة كإعرابه.

[ومعنى] قوله: " طُمِسَت ": مُحِيَ نورُها.

{ وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } فُتحت فكانت أبواباً.

{ وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } قُلعت من أماكنها. وقد ذكرناه في طه.

{ وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } قرأ أبو عمرو: " وُقِّتَت " بالواو، ومثله أبو جعفر غير أنه خفف القاف.

وقرأ الباقون " أُقِّتَت " بالهمزة وتشديد القاف.

والمعنى: جُمعت لوقتها الذي تَشْهَدُ فيه على الأمم.

وأصلها: وُقِّتَت بالواو، فأبدلوا من الواو المضمومة همزة.

قال الزجاج وغيره: كل واو [انضمت] وكانت ضمتها لازمةً جاز أن تبدل منها همزة.

السابقالتالي
2