الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } * { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } * { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } * { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } * { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } * { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } * { فَوَقَٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } * { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً }

{ إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ } قرأ نافع والكسائي وأبو بكر وهشام: " سَلاسِلاً " بالتنوين. وقرأ الباقون: بغير تنوين.

وهو الوجه؛ لأنه مثلُ مساجد ومنابر، لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، ومن صرفه فلمجاورته " أغلالاً " ، كما قالوا: الغدايا والعشايا، وهذا أولى بالجوار.

قال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف هذا، ويصرف جميع ما لا ينصرف.

قال غيره: أكثر ما يُصرف هذا، وشِبْهُه في الشعر. فأما في الكلام فهو قليل.

وقال أبو علي: هذه الجموع أشبهت الآحاد؛ لأنهم قالوا: صواحبات يوسف، فلما جمعوا هذه الجموع [جَمْعَ الآحاد المنصرفة] جعلوها في حكمها، فصرفوها.

واختلف القراء [أيضاً] في الوقف، فأثبت بعضهم الألف، وهم الذين قرؤوا بالتنوين، ووافقهم جماعة ممن لم يُنوّن اتباعاً لخط المصحف، وتشبيهاً له بالقوافي التي تُشبع فيها الفتحة، حتى تصير ألفاً؛ كـ " الظنونا " ، و " الرسولا " ، و " السبيلا ".

وقد ذكرنا " الأغلال " فيما مضى، و " السعير " في سورة النساء.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ } واحدهم: بَرٌّ وبَارٌّ، وهم الصادقون. وقيل: المطيعون.

قال الحسن: هم الذين لا يؤذون الذرّ.

{ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ } سبق تفسيره أيضاً.

{ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } قال مجاهد ومقاتل: هو الكافور المعروف، وليس ككافور الدنيا.

والمقصود بمزجه به: طيب الرائحة والطعم.

قال قتادة: تمزج لهم بالكافور، وتختم لهم بالمسك.

وقال ابن كيسان: طيّبت بالكافور [والمسك والزنجبيل].

وقال عطاء وابن السائب وغيرهما: الكافور: اسم عين ماء في الجنة، ماؤها في بياض الكافور ورائحته وبرده.

قوله تعالى: { عَيْناً } بدل إما من " كافوراً " ، على قول عطاء ومن وافقه. [وإما] من محل " من كأس " بتقدير حذف المضاف، تقديره: يشربون خمراً خمر عين.

وقال الأخفش: هي منصوبة على وجه المدح، بمعنى: أعْنِي عَيْناً.

وقال الزجاج: الأجود أن يكون المعنى: من عين.

{ يَشْرَبُ بِهَا } قيل: الباء زائدة.

وقيل: المعنى: يشرب منها.

وقيل: المعنى: يشرب بها عباد الله الخمر.

والمراد بعباد الله: أولياؤه.

{ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } يُجْرُونها حيث يريدون.

قوله تعالى: { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } هذا من صفاتهم في الدنيا. المعنى: كانوا يوفون بالنذر.

وقال الزمخشري: " يوفون " جواب من عسى، يقول: ما لهم يرزقون ذلك، والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات؛ لأن من وفى بما [أوجبه] هو على نفسه لوجه الله، كان بما أوجب الله عليه أوفى.

قال مجاهد وعكرمة: إذا نذروا في طاعة الله وفوا به.

وقال قتادة: يوفون بما فرض الله عليهم، من الصلاة والزكاة والحج والعمرة [وغيرها] من الواجبات.

قال الواحدي: ومعنى النذر في اللغة: الإيجاب. والمعنى: ما أوجبه الله عليهم من الطاعات.

السابقالتالي
2 3