الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } * { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } * { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } * { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } * { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } * { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } * { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } * { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } * { إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً }

قوله تعالى: { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } مذكور في الكهف.

قال الزجاج: والنصب في " متكئين " على الحال، أي: جزاهم جنة في حال اتكائهم فيها. قال: وكذلك: { وَدَانِيَةً }.

{ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } أي: لا يجدون فيها حَرّاً ولا برداً.

والزَّمْهَرير: البرد الشديد. وفي الحديث: " هواءُ الجنة سجسج، لا حرّ ولا قرّ ".

وقال ثعلب: الزمهرير: القمر بلغة طيء. [وأنشد]:
وليلةٍ ظَلامُها قد اعْتَكَر   قَطَعْتُهَا والزَّمْهَريرُ ما ظَهَرْ
فيكون المعنى: الجنة ذات ضوء لا تحتاج إلى شمس ولا قمر.

قوله تعالى: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } قد ذكرنا قول الزجاج في النصب.

وقال الفراء والمبرد والزجاج أيضاً: [جائز] أن يكون [نعتاً للجنة]. المعنى: وجزاهم جنة دانية، فحذف الموصوف.

وقال الزمخشري: " ودانية " عطف على الجملة التي قبلها؛ لأنها في موضع الحال من المجزيين، تقديره: غير رائين فيها شمساً ولا زمهريراً، ودانية عليهم ظلالها.

وقرئ: " ودانيةٌ " بالرفع، على أن " ظلالها ": مبتدأ، " ودانية ": خبر، والجملة في موضع الحال.

والمعنى: لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً، والحال أن ظلالها دانية عليهم.

فإن قلت: علام عطف { وَذُلِّلَتْ }؟

قلتُ: هي -إذا رُفعت " ودانيةٌ " - جملة فعلية معطوفة على جملةٍ ابتدائيةٍ، وإذا نصبتها على الحال، فهي حالٌ من دانية، أي: تدنو ظلالها عليهم في [حال] تذليل قطوفها لهم. أو معطوفة عليها [على]: ودانية عليهم ظلالها، [ومذللة] قطوفها؛ وإذا نصبتَ [ " ودانية " ] على الوصف، فهي [صفة] مثلها؛ ألا ترى أنك لو قلت: جنةً ذُللت قطوفها: كان صحيحاً.

قال مقاتل في قوله: " ودانية عليهم ظلالها ": يعني: شجرها قريب منهم.

وقال ابن عباس في قوله: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }: إذا همَّ أن يتناول من ثمارها تدلّت إليه حتى يتناول منها ما يريد.

وقد سبق هذا المعنى.

وقد ذكرنا الأكواب في الزخرف.

قوله تعالى: { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } أي: تكوّنت [بتكوين] الله قوارير.

ثم بيّن جوهرها فقال: { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ } قال المفسرون: جعل الله قوارير أهل الجنة من الفضة، فاجتمع لها بياض الفضة وصفاء القوارير.

قال ابن عباس: لو ضَرَبْتَ فضةَ الدنيا حتى جعلْتَها مثل جناح الذباب لم تر الماء من ورائها، وقوارير الجنة من فضة في صفاء القارورة.

واختلف [القُرّاء] في هذا الحرف؛ فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر: " قواريراً قواريراً " بالتنوين فيهما. وقرأ ابن كثير: بالتنوين في الأول. وقرأ الباقون: بغير تنوين فيهما.

قال الزجاج: وهو اختيار النحويين؛ لأن كل جمع يأتي بعد ألفه حرفان لا ينصرف. ومن صرف الأول؛ فلأنه آخر آية، ومن ترك صرف الثاني؛ فلأنه ليس بآخر آية.

السابقالتالي
2 3 4