الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } * { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } * { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعٌ عن إيثار الدنيا على الآخرة { إِذَا بَلَغَتِ } قال جماعة من المحققين: يعني: النفس، وإن لم يَجْرِ لها ذكر؛ لأن الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها، كما قال حاتم:
أمَا وِيَّ ما يُغني الثراءُ عن الفَتَى   إذا حَشْرَجَتْ يوماً وضَاقَ بها الصَّدْرُ
والتَّراقي: العظام المكتَنِفَة لثُغْرَة النحر، عن يمين وشمال، واحدها: تَرْقُوَة.

قال بعض العلماء: ذكّرهم صعوبة الموت الذي هو أول مراحل الآخرة.

قوله تعالى: { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } كان حفص يُظهر النون مِنْ " مَنْ " ويقف عليها وقفة يسيرة.

[قال أبو العالية ومقاتل]: تقول الملائكة: من يرقى بروحه ملائكة الرحمة، أو ملائكة العذاب.

وقال عكرمة وقتادة والضحاك وابن زيد: المعنى: يقول أهله: من يرقيه برقية تشفيه.

قال قتادة: التَمَسُوا له الأطباء فلم يُغنُوا عنه من قضاء الله شيئاً. والقولان عن ابن عباس.

قوله تعالى: { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } أي: تيقّن الذي بلغت روحه التراقي أنه مُفارق للدنيا.

قوله تعالى: { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } قال عطاء: شدة الموت بشدة الآخرة.

وقال سعيد بن جبير: اجتمع فيه الحياة والموت.

وقال الشعبي: التفّت ساقاه عند الموت.

قال الحسن: ماتت رجلاه فلم تحملاه، وقد كان عليهما جوّالاً.

وقال سعيد بن المسيب: هما ساقاه حين يُلفّان في أكفانه.

وقيل: التفّت آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة.

قوله تعالى: { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } أي: إلى الله الذي لا يخفى عليه خافية، يُساق العباد يوم القيامة، وهو الذي يتولى جزاءهم.

قوله تعالى: { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } قال المفسرون: نزلت في أبي جهل بن هشام لعنه الله.

ويجوز أن يراد: الإنسان، بدليل قوله أولاً:أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ } [القيامة: 3]، وثانياً: { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } [القيامة: 36].

قال قتادة: فلا صدّق بكتاب الله، ولا صلى لله.

وقيل: فلا صدّق بماله.

وقد قيل: " لا " بمعنى " لم " ، أي: [لم] يُصدِّق ولم يُصلّ.

{ وَلَـٰكِن كَذَّبَ } بكتاب الله { وَتَوَلَّىٰ } عن الإيمان به.

{ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } أي: يتبخْتَر، وأصله: يتمطَّط، أي: يتمدَّد؛ لأن المتبختر يَمُدُّ خُطاه.

وقال الفراء والزجاج: هو مأخوذٌ من المَطَا، وهو الظهر.

قال الزمخشري: لأنه يلويه. ومنه الحديث: " إذا مَشَتْ أمتي المُطَيْطَاء وخدمتهم فارس والروم فقد جُعل بأسهم بينهم ".

يعني: كذّبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وتولى عنه، ثم ذهب إلى أهله يتبختر افتخاراً بذلك.

{ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } يعني: ويل لك، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره.

قال الزجاج: العرب تقول: أولى لفلان؛ إذا دَعَتْ عليه بالمكروه.

قوله تعالى: { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } أي: [يُهمل] فلا يُؤمر ولا يُنهى ولا يُحاسب ولا يُعاقب، وأنشدوا:

السابقالتالي
2