الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } * { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } * { فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } * { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } * { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } * { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } * { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } * { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } * { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } * { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } * { فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } * { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } * { كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ } * { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } * { وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ }

قوله تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } قال صاحب الكشاف: " رهينة " ليست بتأنيث رهين في قوله:كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } [الطور: 21]، لتأنيث النفس؛ لأنه لو قصدت الصفة لقيل: رهين؛ لأن فعيلاً بمعنى مفعول، يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي بمعنى: الرهن، [كالشتيمة] بمعنى: الشتم، كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن.

وفي معنى الآية ثلاثة أقوال:

أحدها: كل نفس بالغة رهينةٌ بعملها لتُحاسب عليه، { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } ، وهم أطفال المسلمين؛ لأنه لا حساب عليهم، لأنهم لا ذنوب لهم. قاله علي عليه السلام، واختاره الفراء.

الثاني: كل نفس من أصحاب النار رهينة في النار، إلا أصحاب اليمين وهم المؤمنون فإنهم في الجنة. قاله الضحاك.

الثالث: كل نفس مرتهنة بعملها لتحاسب عليه، إلا أصحاب اليمين فإنهم لا يحاسبون. قاله ابن جريج.

وقال ابن السائب: هم الذين قال لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهم الذين كانوا على يمين آدم.

وقال مقاتل: هم الذين أُعْطوا كتبهم بأيمانهم.

{ فِي جَنَّاتٍ } أي: هم في جنات { يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } يسأل بعضهم بعضاً، أو يتساءلون غيرهم.

وقال مقاتل: إذا خرج أهل التوحيد من النار قال المؤمنون لمن بقي في النار: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ }.

قال الفراء: وهذه الآية تٌقوّي أنهم الولدان؛ لأنهم لم يعرفوا الذنوب، فسألوا: " ما سلككم في سقر ".

وقال غيره: سألوهم مع علمهم بحالهم؛ توبيخاً وتقريعاً لهم.

والمعنى: ما أدخلكم النار؟.

{ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } أي: من أهل الصلاة.

{ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } لله عز وجل.

{ وَكُنَّا نَخُوضُ } [تكذيباً] واستهزاءً { مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } بالباطل.

{ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي: بيوم الجزاء والحساب.

{ حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } وهو الموت.

{ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } قال المفسرون: هذا بعد الشفاعة.

قال ابن عباس: يريد: شفاعة الملائكة والنبيين، كما نفعت الموحدين.

وقال الحسن: لم تنفعهم شفاعة مَلَك ولا شهيد ولا مؤمن.

قال ابن مسعود: يشفع نبيكم صلى الله عليه وسلم رابع أربعة؛ جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى وعيسى، ثم نبيكم [صلى الله عليهم] أجمعين، لا يُشفّع أحدٌ في أكثر مما يُشفّع فيه نبيكم، ثم النبيون، ثم الصدّيقون، ثم الشهداء. ويبقى قوم في جهنم فيقال لهم: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } قرأ إلى قوله: { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ }. قال ابن مسعود: فهؤلاء الذين يبقون في جهنم.

{ فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ } أي: عن التذكير، يريد: الموعظة بالقرآن وغيره من المواعظ، { مُعْرِضِينَ } نصب على الحال، كما تقول: ما لك قائماً.

{ كَأَنَّهُمْ } لشدة نفرتهم عن التذكرة { حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ }.

قرأ نافع وابن عامر: " مستنفَرة " بفتح الفاء، على معنى: أنها استدعيت للنفار من القَسْوَرة، فهي مفعول بها في المعنى.

السابقالتالي
2 3