الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِيمَٰناً وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } * { كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } * { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } * { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }

أي: ما جعلناهم رجالاً من جنسكم تُطِيقُونهم، وإنما جعلناهم ملائكة أشداء يَعجز طوقُ البشر عن مغالبتهم.

{ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ } قليلة { إِلاَّ فِتْنَةً } ضلالة { لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } حتى قالوا ما قالوا، { لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ } ما عندهم من ذكر عدَّتِهم؛ لأن عِدَّتَهم في كتابهم تسعة عشر.

وقيل: ليستيقنوا صدق محمد صلى الله عليه وسلم بكونه أخبر بعدد خَزَنة جهنم، على الوجه المذكور عندهم. { وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ } منهم ومن غيرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم { إِيمَٰناً }.

قوله تعالى: { وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ } أي: لا يتخالجهم شك ولا ريب في عدد الخَزَنة، فينضم إلى يقينهم وتصديقهم عدم الريب بسبب تواطئهم وتوافقهم على ذلك، نظراً إلى تصديق كل واحد من الكتابَيْن والنبيَّيْن لصاحبه.

قوله تعالى: { وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي: شك ونفاق.

{ وَٱلْكَٰفِرُونَ } مشركوا العرب { مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } الحديث والخبر { مَثَلاً }. و " مَثَلاً " تمييز لـ " هذا " ، أو حال منه.

قال الزمخشري: إن قلت: لم سموه مَثَلاً؟

قلتُ: هو استعارة من المثل المضروب؛ لأنه مما غَرُبَ من الكلام وبَدُع، استغراباً منهم لهذا [العدد] واستبداعاً. والمعنى: أيّ شيء أراد الله بهذا العدد العجيب، وأيّ [غرض] قصد في أن جعل الملائكة تسعة عشر، ومرادهم إنكاره من أصله، وأنه ليس من عند الله، وأنه لو كان من عند الله لما جاء بهذا العدد الناقص.

قوله تعالى: { كَذَلِكَ } الكاف الأولى في موضع نصب، و " ذلك ": إشارة إلى ما تقدم ذكره من معنى الإضلال والهدى.

والمعنى: كما أضل الله من أنكر عدد الخَزَنة، وهدى من صدّق ذلك { يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ }.

{ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ } يعني: من الملائكة { إِلاَّ هُوَ } فلا يتوهموا أن قلّة عدد الخَزَنة لقلّة جنوده الذين خلقهم لتعذيب أهل النار، يشير إلى أن مع كل واحد من الخزنة من الجنود والأعوان مما لا يعلم عددهم إلا الله. هذا معنى قول عطاء.

ويحتمل عندي: أن يراد بذلك عموم الملائكة.

قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين وجبريل إلى جنبه، فأتاه مَلَكٌ فقال: إن ربك يأمرك بكذا وكذا، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون شيطاناً، فقال: يا جبريل تعرفه؟ فقال: هو مَلَك، وما كَلُّ ملائكة ربك أعرفه.

وقال الأوزاعي: قال موسى صلى الله عليه وسلم: يا رب! من معك في السماء؟ قال: ملائكتي، قال: كم عدّتهم يا رب؟ قال: اثنا عشر سبطاً، قال: كم عدة كل سبط؟ قال: عدد التراب.

قوله تعالى: { وَمَا هِيَ } يريد: سقر { إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } موعظة للناس.

السابقالتالي
2