الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً }

قال الله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } قرأ الأكثرون: " المزّمل " بإدغام التاء في الزاي؛ لقربها منها.

وقرأ جماعة، منهم: أبي بن كعب، والأعمش: " المتزمّل " بإظهار التاء على الأصل.

وقرأ عكرمة: " المُزَمِّل " بحذف التاء وتخفيف الزاي، على معنى: يا أيها المزَمّل نفسه.

والمزّمّل: هو الذي تَزَّمَّلَ في ثيابه، أي: تَلَفَّفَ فيها.

قال أبو [عبدالله] الجدلي: سألت عائشة رضي الله عنها عن قوله عز وجل: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } ما كان تزميله ذلك؟ قالت: كان مِرْطاً، طولُه أربع عشرة ذراعاً، نصفه عليّ وأنا نائمة، ونصفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي. قال أبو عبدالله: فسألتها: ما كان؟ [فقالت: والله ما كان] خَزّاً ولا قَزّاً ولا مِرْعِزَّى ولا إبريسم [ولا صوفاً]، كان سَداهُ شَعْراً ولحُمته وَبَراً.

[وقال] السدي: كان قد تزمّل للنوم.

وقال مقاتل: خرج من البيت وقد لبس ثيابه، فناداه جبريل: " يا أيها المزمل ".

وقال ابن عباس: يا أيها المزمل بالقرآن.

وقال عكرمة: يا أيها المزمل بالنبوة.

فإن قيل: ما الحكمة في ندائه هاهنا بالمزمل دون النبي والرسول؟

قلتُ: لأن هذه الآية من أول ما خُوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رسخ قدمه في النبوة والرسالة، فُخِّمَ وعُظِّمَ بالخطاب المنوّه بهما.

{ قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } يعني: قُمْهُ مصلِّياً.

قال المفسرون: كان قيام الليل فرضاً عليه.

وتقديره: قم الليل نصفه إلا قليلاً. فـ " نصفه " بدل من " الليل " ، كما تقول: ضربت زيداً رأسه.

و " قليلاً ": استثناء منه، قدّم المستثنى على المستثنى منه، والضمير في " منه " و " عليه " للنصف.

والمعنى: التخيير بين أمرين، وهما القيام أقلّ من نصف الليل على البَتِّ والقطع، [أو اختيار] أحد الأمرين، وهما النقصان من النصف والزيادة عليه. ويجوز أن يكون " نصفه " بدلاً من " قليلاً ".

{ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } قال ابن عباس: بيّنه تبييناً.

قال الزجاج: البيانُ لا يتم بأن تَعْجَلَ في القراءة، وإنما يتم التبيين بأن تُبَيِّنَ جميعَ الحروف وتُوفّي حقها من الإشباع.

قال أبو [جمرة]: قلت لابن عباس: إني رجل في قراءتي وفي كلامي عَجَلَة، فقال ابن عباس: لأن أقرأ سورة البقرة أُرتِّلها أحبّ إليّ من أقرأ القرآن كله.

وسُئلت عائشة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لا كَسَرْدِكُم هذا، لو أراد السامعُ أن يَعُدَّ حروفه لعدّها.

وقال عمر رضي الله عنه: شَرُّ السَّيْر: الحَقْحَقَة، وشَرُّ القراءة: الهَذْرَمَة.



وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبدالله بن [عمرو] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2 3 4