الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً }

قوله تعالى: { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } أي: على ما يقولون من التكذيب والأذى، { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } لا جزع فيه، وهذا قبل الأمر بالقتال.

{ وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ } أي: أولي التنعّم.

المعنى: لا تهتم بهم فإني أكفيك أمرهم.

قالت عائشة رضي الله [عنها]: لما نزلت: { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } لم يكن إلا يسيراً حتى كانت وقعة بدر.

قوله تعالى: { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً } وهي القيود، واحدها: نَكْل.

قال الكلبي: أغلالاً من حديد.

وقال أبو عمران الجوني: قيودٌ لا تُحلّ.

{ وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } لا يسوغ في الحلق.

قال ابن عباس: هو شوك يأخذ [بالحلق] فلا يدخل فيه ولا يخرج.

وقال [مقاتل]: هو الزقوم.

وقال الزجاج: هو الضريع.

أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره، عن وكيع، عن حمزة الزيات، عن حمران بن أعين، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع قارئاً قرأ: { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } فصعق.

قرأتُ على الشيخ أبي عبدالله أحمد بن محمد بن طلحة البغدادي بالموصل، أخبركم أبو القاسم يحيى بن أسعد فأقر به، أخبرنا أبو طالب ابن يوسف، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب، حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، حدثنا عبدالله بن الإمام أحمد، حدثنا أبي، حدثنا يونس، وحدثنا صالح، عن خليد بن حسان، قال: أمسى الحسن صائماً، فجئناه بطعامه عند إفطاره، فلما قُرّب إليه عرضت له هذه الآية: { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } فتقلَّصت يده عنه، فقال: ارفعوه، فرفعناه. قال: فأصبح صائماً، فلما أراد أن يفطر ذكر الآية ففعل ذلك أيضاً، فلما كان اليوم الثالث انطلق ابنه إلى ثابت البناني ويحيى البكّاء وأناسٍ من أصحاب الحسن فقال: أدركوا أبي فإنه لم يذق طعاماً منذ ثلاثة أيام، كلما قربنا إليه الطعام ذكر هذه الآية: { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } فتركه، قال: فأتوه، فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق.

قوله تعالى: { يَوْمَ تَرْجُفُ } قال الزجاج: " يومَ " منصوب بقوله: " إن لدينا أنكالاً " أي: نُنَكِّل بالكافرين ونعذّبهم يوم ترجف { ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } ، أي: تُزلزل وتُحرّك.

{ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } قال الفراء: الكثيب: الرمل، والمهيل: الذي تُحرّك أسفله فينهال عليك من أعلاه.

وما بعده ظاهر أو مُفسّر إلى قوله تعالى: { أَخْذاً وَبِيلاً } أي: ثقيلاً، ومنه: الوَابِلُ والوَبِيلُ: العصا الضخمة.

قوله تعالى: { يَوْماً } مفعول به، أي: فكيف تتقون أنفسكم يوم القيامة وعذابه إن بقيتم على كفركم؟.

ويجوز أن يكون ظرفاً، على معنى: فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا.

السابقالتالي
2