الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } * { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } * { وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } * { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً }

قوله تعالى: { وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ } قال الكلبي: أتيناها.

وقال غيره: اللَّمْسُ: المَسُّ، فاستعير للطلب؛ لأن الماسّ طالب متعرف.

والمعنى: طلبنا بلوغ السماء، واستماع كلام أهلها.

{ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً } الحرس: اسم مفرد في معنى الحُرَّاس، [كالخدم] في معنى الخُدّام، والحَرَس: الملائكة الذين يحرسون السماء من استراق السمع، { وَشُهُباً } جمع شِهاب، وهو النجم المضيء. وقد ذكرناه في قوله:فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [الصافات: 10].

والرَّصَدُ: مثل الحرس، اسم مفرد في معنى الجمع، على معنى: ذوي شهاب راصدين بالرجم، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب.

ويجوز أن يكون صفة للشهاب، بمعنى: الراصد.

قوله تعالى: { وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ } يعني: أشرّ أريد بهم بحراسة السماء بالشهب، أي: عذاب وبلاء، { أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } خيراً ورحمة.

قال مقاتل: هذا قول مؤمني الجن، قالوا: لا ندري أَشَرٌّ أُرِيد بمن في الأرض، بإرسال محمد إليهم فيكذبونه فيهلكون، أم أراد بهم ربهم رشداً، وهو أن يؤمنوا به فيهتدوا.

ثم أخبروا عن حال أنفسهم فقالوا: { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ } أي: الأبرار المتقون، { وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } أي: قوم دون الصالحين.

وقولهم: { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } بيان للقسمة المذكورة، أي: كنا ذوي مذاهب مختلفة.

قال الحسن: الجن أمثالكم، منهم قَدَرية ومرْجئة ورافضة وشيعة.

وقال مجاهد: يعنون: مسلمين وكافرين.

والطَّرائق: جمع طريقة، والقِدَد: جمع قِدَّة، وهي القطعة، وأنشد ابن عباس رضي الله عنهما:
ولقدْ قُلْتُ وزيدٌ حَاسِرٌ   يومَ ولَّتْ خيلُ زيدٍ قِدَدا
وفيه إضمار، تقديره: ذوي طرائق أو في [طرائق].