الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً } * { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } * { إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } * { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً }

قوله تعالى: { مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ } " ما " صلة. والمعنى: من خطاياهم، أي: من أجلها وبسببها أغرقوا.

قرأ أبو عمرو: " خَطَايَاهُم " مثل: عطاياهم. وقرأ الباقون: " خطيئاتهم " ، وهما جمْعا: خطيئة.

وفي قراءة ابن مسعود: " من خطيئاتهم ".

قوله تعالى: { دَيَّاراً } من الأسماء المستعملة في النفي العام.

قال ابن قتيبة: يقال: ما بالمنازل ديّار؛ أي: ما بها أحد.

قال الزجاج: أصلها: ديوار، فقلبت الواو ياء [وأدغمت] إحداهما في الأخرى.

قال المفسرون: إنما دعا عليهم؛ لأن [الله] تعالى أوحى إليه:أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [هود: 36].

قوله تعالى: { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } قد ذكرنا فيما مضى أن اسم أبيه: [لمك] بن متوشلخ، واسم أمه: شمخا بنت أنوش.

قال المفسرون: كانا مؤمنين.

وقرأ سعيد بن بن جبير وسعيد بن المسيب والجحدري: " ولوالدي " على التوحيد، وهي قراءة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وقرأ ابن مسعود وأبو العالية والزهري والنخعي: " ولِوَلَدَيَّ " من غير ألف، على التثنية، يريد: ابنيه.

وفي استغفار نوح لوالديه وإبراهيم أيضاً في قوله:رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } [إبراهيم: 41] شريعة وتنبيه لكل مؤمن على الاستغفار لوالديه، إلا أن يموتا على الكفر، فلا وجه لاستغفاره لهما.

أخبرنا حنبل بن الفرج إذناً قال: أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكر ابن حمدان، أخبرنا عبدالله بن الإمام أحمد، حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم [بن] أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك ".

قوله تعالى: { وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً } أي: منزلي. وقيل: مسجدي.

و " مؤمناً " نصب على الحال.

{ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } عام في كل من آمن، من الرجال والنساء.

{ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً } أي: هلاكاً.

فإن قيل: ما فعل بصبيانهم حين أغرقوا؟

قلتُ: عنه أجوبة:

أحدها: أنه قد روي أن الله أعقم نساءهم أربعين سنة، فلم يكن لهم عند الغرق صبيان.

الثاني: أنهم كانوا كفاراً في علم الله تعالى؛ لأن نوحاً لم يُقدم على قوله: { وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } إلا بطريق الوحي.

الثالث: أنهم أُغرقوا بآجالهم لا على وجه العقوبة لهم. والله سبحانه وتعالى أعلم.