الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً }

قال الله تعالى: { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر: " سال " بغير همز.

وروى وَرْش من طريق النهرواني: " سايل " بتخفيف الهمزة بين بين هنا فحسب، كالخزاعي عن ابن فليح من طريق ابن كثير. وقرأ الباقون من العشرة: بتخفيف الهمزة فيهما، إلا حمزة إذا وقف، فإنه يبدل من الهمزة ألفاً، سماعاً في هذا على غير قياس.

وكان القياس: أن يجعل الهمزة بين بين، أي: بين الهمزة والألف، كما يفعل في الوقف على: رأى ونأى.

وقد حكى سيبويه البدل في " سال " سماعاً، وأنشد على ذلك أبياتاً، منها قول الشاعر:
سَالَت هذيل رسولَ الله فاحشةً   ......................
فمن حقق الهمزة في " سأل " جعله من السؤال وأتى به على أصله، وهو اختيار أكثر القُرّاء.

قال ابن عباس ومجاهد وأكثر المفسرين: السائل: النضر بن الحارث، والذي سأل قوله:إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32].

وقال الربيع بن أنس: هو أبو جهل.

وكان ذلك على وجه الاستهزاء، كما ذكرناه في موضعه.

ولما كان السؤال متضمناً معنى الدعاء، عدَّاه تعديته فقال: { بِعَذَابٍ } كأنه قيل: دعا داع بعذاب، من قولك: دعا بكذا؛ إذا استدعاه وطلبه، ومنه قوله:يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } [الدخان: 55].

وبعضهم يقول: الباء في " بعذاب " زائدة.

وقوله: { لِّلْكَافِرِينَ } متصل بـ " عذاب " صفة له، أي: بعذاب واقع كائن للكافرين. أو بـ " واقع " ، على معنى: بعذاب نازل لأجلهم. أو بالفعل، على معنى: دعا للكافرين بعذاب واقع.

وقيل: الباء بمعنى عن، كقوله:فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } [الفرقان: 59] أي: عنه، وأنشدوا:
فإن تسأليني بالنساء......   ........................
أي: عن النساء.

وقد سبق إنشاد البيت في الفرقان.

والمعنى: سأل سائل عن عذاب واقع لمن هو؟ فقال الله تعالى: للكافرين.

وهذا قول الحسن وقتادة قالا: كان هذا بمكة لما بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم، وخوّفهم بالعذاب، فقال بعضهم لبعض: منْ أهلُ هذا العذاب؟ سلوا محمداً لمن هو؟ فقال الله تعالى: للكافرين.

وقيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، استعجل بعذاب [للكافرين].

ومن قرأ: " سال " بغير همز، احتمل ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون من السؤال، لكن أبدل من الهمزة ألفاً، على ما ذكرناه آنفاً من اللغة المسموعة فيه، وتكون الهمزة في " سائل " أصلية.

الثاني: أن تجعله من سِلْتَ تَسَالُ، لغة في السؤال، كخِفْتَ تَخَافُ، فتكون الألف في " سَالَ " بدلاً من واو، كخَافَ، وتكون الهمزة في " سَايِل " بدلاً من واو؛ كخَايِف.

السابقالتالي
2